للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدعوة، وامتناعه من الإجابة، وطول عمره، فما ظنك بأبويه، اللذين هما أشد منه قُرباً، وآكد حُباً، وابسط عُذراً، وأقصر عُمراً، فمعاذ الله أنْ يُظنَّ بهما أنهما في طبقة الجحيم، وأنْ يُشدَّد عليهما العذاب العظيم، هذا لا يفهمه من له أدنى ذوق سليم". اهـ (١)

ومن أظهر ما استدل به أصحاب هذا المسلك: ما رُويَ عن عائشة رضي الله عنها: "أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل إلى الحجون (٢) كئيباً حزيناً، فأقام به ما شاء ربه عز وجل، ثم رجع مسروراً، فقالت: يا رسول الله، نزلت إلى الحجون كئيباً حزيناً فأقمت به ما شاء الله، ثم رجعت مسروراً، قال: سألت ربي عز وجل فأحيا لي أمي فآمنت بي، ثم رَدَّها". (٣)


(١) مسالك الحنفا في والدي المصطفى، للسيوطي (٢/ ٣٩٠).
(٢) الحجون: جبل بأعلى مكة، عنده مدافن أهلها، يبعدُ عن البيت ميل ونصف، وقيل: فرسخ وثلث. انظر: معجم البلدان، لياقوت الحموي (٢/ ٢٢٥)، ومعجم ما استعجم، للبكري (١/ ٤٢٧).
(٣) أخرجه ابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه، ص (٤٨٩ - ٤٩٠)، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن زياد، مولى الأنصار قال: حدثنا أحمد بن يحيى الحضرمي، بمكة قال: حدثنا أبو غزية، محمد بن يحيى الزهري، قال: حدثنا عبد الوهاب بن موسى الزهري، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.
وأخرجه ابن عساكر في غرائب مالك [كما في لسان الميزان، لابن حجر (٤/ ٣٠٥)]، وابن الجوزي في الموضوعات (١/ ٢٨٣)، والخطيب في السابق واللاحق [كما في اللآلئ المصنوعة للسيوطي (١/ ٢٤٤)] جميعهم من طريق الحسين بن علي بن محمد بن إسحاق الحلبي، حدثنا أبو طالب، عمر بن الربيع الخشاب، حدثنا علي بن أيوب الكعبي، من ولد كعب بن مالك، حدثني محمد بن يحيى الزهري، أبو غزية، حدثني عبد الوهاب بن موسى الزهري، عن مالك، عن أبي الزناد، عن هشام، بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.
قال ابن عساكر: "حديث منكر من حديث عبد الوهاب بن موسى الزهري المدني، عن مالك. والكعبي مجهول، والحلبي صاحب غرائب، ولا يُعرف لأبي الزناد رواية عن هشام، وهشام لم يُدرك عائشة، فلعله سقط من كتابي عن أبيه". اهـ
قال الحافظ ابن حجر: "ولم ينبه على عمر بن الربيع، ولا على محمد بن يحيى، وهما أولى أن يلصق بهما هذا الحديث من الكعبي وغيره". اهـ
وقال الدارقطني في غرائب مالك [كما في لسان الميزان، لابن حجر (٤/ ١٩٢)]: "الإسناد والمتن باطل، ولا يصح لأبي الزناد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة شيء، وهذا كذب على مالك، والحمل فيه على أبي =

<<  <   >  >>