للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢١٧]، وقوله في الصحيح: "استأذنت ربي أنْ أستغفر لأمي فلم يأذن لي". اهـ (١)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ وقد سُئِل: هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أَنَّ الله تبارك وتعالى أحيا له أبويه حتى أسلما على يديه ثم ماتا بعد ذلك؟

فأجاب: - "لم يصح ذلك عن أحد من أهل الحديث; بل أهل المعرفة متفقون على أَنَّ ذلك كذب مختلق، وإنْ كان قد رَوَى في ذلك أبو بكر - يعني الخطيب - في كتابه (السابق واللاحق) وذكره أبو القاسم السهيلي في (شرح السيرة) بإسناد فيه مجاهيل، وذكره أبو عبد الله القرطبي في (التذكرة)، وأمثال هذه المواضع لا نزاع بين أهل المعرفة أنه من أظهر الموضوعات كذباً كما نص عليه أهل العلم، وليس ذلك في الكتب المعتمدة في الحديث; لا في الصحيح ولا في السنن ولا في المسانيد، ونحو ذلك من كتب الحديث المعروفة، ولا ذكره أهل كتب المغازي والتفسير، وإنْ كانوا قد يروون الضعيف مع الصحيح؛ لأن ظهور كذب ذلك لا يخفى على متدين، فإنَّ مثل هذا لو وقع لكان مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله؛ فإنه من أعظم الأمور خرقاً للعادة من وجهين: من جهة إحياء الموتى، ومن جهة الإيمان بعد الموت. فكان نقل مثل هذا أولى من نقل غيره، فلما لم يروه أحد من الثقات عُلِمَ أنه كذب". اهـ (٢)

وقال الألباني: "كثيراً ما تجمح المحبة ببعض الناس، فيتخطى الحجة ويحاربها، ومن وفق علم أَنَّ ذلك مناف للمحبة الشرعية، وممن جمحت به المحبة السيوطي ـ عفا الله عنه ـ فإنه مال إلى تصحيح حديث الإحياء الباطل عند كبار العلماء، وحاول في كتابه (اللآلىء) التوفيق بينه وبين حديث الاستئذان وما في معناه بأنه منسوخ، وهو يعلم من علم الأصول أَنَّ النسخ لا يقع في الأخبار وإنما في الأحكام! وذلك أنه لا يُعقل أنْ يُخبر الصادق المصدوق عن شخص أنه في النار ثم ينسخ ذلك بقوله: إنه في الجنة! كما هو ظاهر معروف لدى العلماء". اهـ (٣).


(١) الموضوعات، لابن الجوزي (١/ ٢٨٤).
(٢) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (٤/ ٣٢٤ - ٣٢٥).
(٣) سلسلة الأحاديث الصحيحة، للألباني (٦/ ١٨١).

<<  <   >  >>