للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: أجوبتهم عن دعوى ضعف حديث مسلم: "إنَّ أبي وأباك في النار":

ما ادعاه السيوطي ـ من ضعف حديث: "إنَّ أبي وأباك في النار"، وتفرد حماد بن سلمة بلفظه ـ أجاب عنه بعض المتأخرين كالألباني وتلميذه أبي إسحاق الحويني، وقد أطال الأخير في الرد على السيوطي، وسأنقل مناقشته كاملة نظراً لأهميتها وتناولها لجميع ما أورده السيوطي:

قال أبو إسحاق الحويني: "الجوابُ عما ادعاه السيوطي من وجوهٍ:

الأول: أَنَّ السيوطي ضعَّف حديث مسلمٍ، وبنى تضعيفه على مقدمةٍ، وهي: أَنَّ معمر بن راشد خالف حماد بن سلمة في لفظه، ومعمر بن راشد أوثق من حماد بن سلمة، وهذه المقارنةُ حيدةٌ مكشوفة، فإنَّ الأمر لا يخفى على أحدٍ من المشتغلين بالحديث، ومنهم السيوطي نفسه، فإنَّ أهل العلم بالحديث قالوا: أثبت الناس في ثابت البناني هو حمادُ بن سلمة، ومهما خالفه من أحدٍ فالقولُ قولُ حمادٍ.

قال أبو حاتم الرازي: "حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابتٍ وفي علي بن زيد" (١)، وقال أحمد بن حنبل: "حماد بن سلمة أثبت في ثابتٍ من معمر" (٢)، وقال يحيى بن معينٍ: "من خالف حماد بن سلمة فالقول قول حمادٍ. قيل: فسليمانُ بن المغيرة عن ثابت؟ قال: سليمانُ ثبتٌ، وحماد أعلم الناس بثابت" (٣)، وقال ابنُ معينٍ مرة: "أثبت الناس في ثابت: حماد بن سلمة" (٤)، وقال العقيلي: "أصح الناس حديثًا عن ثابت: حماد بن سلمة". (٥)

قال الحويني: وقد أكثر مسلمٌ من التخريج لحماد بن سلمة عن ثابت في الأصول، أما معمر بن راشد فإنه وإن كان ثقةً في نفسه إلاَّ أَنَّ أهل العلم بالحديث كانوا يضعفون روايته عن ثابت البناني، ولم يخرج له مسلمٌ شيئًا في


(١) علل الحديث، لأبي حاتم الرازي (١/ ٤٠٥).
(٢) انظر: تهذيب الكمال، للمزي (٧/ ٢٥٩)، وتهذيب التهذيب، لابن حجر (٣/ ١١).
(٣) انظر: تاريخ ابن معين، رواية الدوري (٤/ ٢٦٥)، وتهذيب الكمال، للمزي (٧/ ٢٦٢).
(٤) انظر: التعديل والتجريح، لأبي الوليد الباجي (٢/ ٥٢٣)، وشرح علل الترمذي، لابن رجب (٢/ ٦٩٠).
(٥) انظر: ضعفاء العقيلي (٢/ ٢٩١).

<<  <   >  >>