للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحويني: وابن الثلجي هذا كان جهميًا عدوًا للسنة، وقد اتهمه ابنُ عدي بوضع الأحاديث وينسبها لأهل الحديث يثلبهم بذلك (١)، فالحكاية كلُّها كذب، فكيف يُثلب حماد بن سلمة بمثل هذا.

الوجه الثالث: قولُهُ: "ولم يخرج له البخاري شيئًا". وقد تقرر عند أهل العلم أَنَّ ترك البخاري التخريج لراوٍ لا يعني أنه ضعيفٌ، وقد عاب ابنُ حبان على البخاري أنه ترك حماد بن سلمة وخرَّج لمن هو أدنى منه حفظًا وفضلاً، فقال: "ولم ينصف من جانب حديث حماد بن سلمة، واحتج بأبي بكر بن عياش، وبابن أخي الزهري، وبعبد الرحمن بن عبد اللَّه بن دينار، فإن كان تركُه إياه لما كان يخطئُ، فغيرُهُ من أقرانه مثل الثوري وشعبة وذويهما كانوا يخطئون، فإن زعم أَنَّ خطأه قد كثر من تغير حفظه، فقد كان ذلك في أبي بكر بن عياش موجودًا، وأنَّى يبلغُ أبو بكر حماد بن سلمة في إتقانه، أم في جمعه؟ أم في عمله؟ أم في ضبطه". اهـ (٢)

الوجه الرابع: في ذكر الشاهد الذي احتج به السيوطي لتقوية لفظ معمر بن راشد، فهذا الحديث أخرجه البزار، وابن السني، والطبراني، والبيهقي، وأبو نعيم، والضياء المقدسي، من طريق زيد بن أخزم، ثنا يزيد بن هارون، ثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عامر بن سعد، عن أبيه: "أَنَّ أعرابيًّا قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أين أبي؟ قال: في النار. قال: فأين أبوك؟ قال: حيثما مررت بقبر كافرٍ فبشره بالنار". (٣)

قال السيوطي: "وهذا إسنادٌ على شرط الشيخين".

قال الحويني: وليس كما قال لما يأتي.

وذكر ابنُ كثير هذا الحديث في (البداية والنهاية) (٤) وقال: "غريبٌ". وقد خولف زيد بن أخزم في إسناده؛ فخالفه محمد بن إسماعيل بن البختري الواسطيُّ، فرواه عن يزيد بن هارون، عن إبراهيم بن سعد، عن سالم، عن


(١) انظر: الكامل في ضعفاء الرجال، لابن عدي (٢/ ٢٦٠).
(٢) انظر: ميزان الاعتدال في نقد الرجال، للذهبي (٢/ ٣٦١)، وشرح علل الترمذي، لابن رجب (١/ ٤١٤ - ٤١٥).
(٣) سبق تخريجه في أول المسألة.
(٤) البداية والنهاية (٢/ ٢٦٠).

<<  <   >  >>