للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسدي (١).

قالوا: ومن الأدلة على أَنَّ المراد بالآيات إرث النبوة والعلم، لا إرث المال:

الأول: أنَّه لم يُذْكَرْ أَنَّ زكريا عليه السلام كان ذا مال، بل كان نجَّاراً (٢) يأكل من كسب يديه، ومثل هذا لا يجمع مالاً، فكيف يُورَث منه، لا سيما والأنبياء عليهم السلام من أزهد الناس في الدنيا. (٣)

الدليل الثاني: أَنَّ إرث المال هو من الأمور العادية المشتركة بين الناس، كالأكل والشرب ودفن الميت، ومثل هذا لا يُقَصُّ على الأنبياء؛ إذ لا فائدة فيه، وإنما يُقَصُّ ما فيه عبرة وفائدة تستفاد، وإلا فقول القائل: مات فلان وورث ابنه ماله، مثل قوله: ودفنوه، ومثل قوله: أكلوا وشربوا وناموا ونحو ذلك مما لا يحسن أَنْ يُجْعَلَ من قصص القرآن. (٤)

الدليل الثالث: أَنَّ داود عليه السلام كان له أولاد كثير سوى سليمان، فلو كان الموروث هو المال لم يكن سليمانُ مختصاً به دون بقية أخوته. (٥)

الدليل الرابع: أنَّه لا يجوز أَنْ يتأسف نبي الله على مصير ماله بعد موته، إذا وصل إلى وارثه المستحق له شرعاً. (٦)


(١) أخرجه ابن جرير في تفسيره (٨/ ٣٠٩).
(٢) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "كَانَ زَكَرِيَّاءُ نَجَّارًا". أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفضائل، حديث (٢٣٧٩).
(٣) تفسير ابن كثير (٣/ ١١٧)، وانظر: تأويل مختلف الحديث، لابن قتيبة، ص (٢٧٩ - ٢٨٠)، وزاد المسير، لابن الجوزي (٥/ ١٥٥)، ومنهاج السنة، لابن تيمية (٤/ ٢٢٥)، ومفتاح دار السعادة، لابن القيم (١/ ٦٧).
(٤) منهاج السنة النبوية، لابن تيمية (٤/ ٢٢٤)، وانظر: تأويل مختلف الحديث، لابن قتيبة، ص (٢٨٢)، والتمهيد، لابن عبد البر (٨/ ١٧٥ - ١٧٦)، ومفتاح دار السعادة، لابن القيم (١/ ٦٧)، وتفسير ابن كثير (٣/ ١١٧)، وطرح التثريب، للعراقي (٦/ ٢٤٠).
(٥) مفتاح دار السعادة، لابن القيم (١/ ٦٧)، وانظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل، لابن حزم (٣/ ٩)، ومنهاج السنة النبوية، لابن تيمية (٤/ ٢٢٤)، وتفسير ابن كثير (٣/ ٣٧٠).
(٦) زاد المسير، لابن الجوزي (٥/ ١٥٥)، وانظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل، =

<<  <   >  >>