كتاب الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم

المسألة [٢٠]: في سماع الأموات لكلام الأحياء - المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآيات والحديث - ص: 368

وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به، وَرَدَّ عليه، حتى يقوم". (١)

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "قال أبو رزين: يا رسول الله، إنَّ طريقي على الموتى، فهل من كلام أتكلم به إذا مررت عليهم؟ قال: قل: السلام

---

= فوقه؛ ثقات معروفون من رجال التهذيب، وأما من دونه فلم أعرفهما، لا شيخ ابن عبد البر، ولا المملية فاطمة بنت الريان، وظني أنها تفردت - بل شذت - بروايتها الحديث عن الربيع بن سليمان بهذا الإسناد الصحيح له عن ابن عباس؛ فإنَّ المحفوظ عنه إنما هو بالإسناد الأول". اهـ
قلت: ومراده بالإسناد الأول: حديث أبي هريرة، من طريق زيد بن أسلم، وقد تقدم.
ثم ساق الألباني الحديث من طريق بشر بن بكر، عن عبد الرحمن بن زيد، وبيّن أن هذا هو المحفوظ، ثم قال: "ومن هذا التحقيق يتبين أن قول عبد الحق الإشبيلي إسناده صحيح، غير صحيح، وإن تبعه العراقي في تخريج الإحياء، وأقره المناوي". اهـ
وقال ابن باز في مجموع الفتاوى والمقالات له (١٣/ ٣٣٦): "في إسناده نظر".
قلت: الأشبه أن إسناد هذا الحديث موضوع، والأقرب أنه مركب من إسناد حديث أبي هريرة، الذي يُروى من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ومن الإسناد الذي يُروى من طريق قطن بن وهب، وقد تقدما.
(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب "القبور" [كما في الروح، لابن القيم، ص (٥٤)] قال: حدثنا محمد بن عون، حدثنا يحيى بن يمان، عن عبد الله بن سمعان، عن زيد بن أسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من رجل يزور قبر أخيه، ويجلس عنده إلا استأنس به، وردَّ عليه، حتى يقوم".
وهذا الحديث ضعيف جداً؛ من أجل عبد الله بن سمعان، قال الحافظ ابن رجب في "أهوال القبور"، ص (١٤٣): "رواه عبد الله بن سمعان، وهو متروك".
وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (٥/ ٢٤٣): "حديث عائشة (ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به ورد عليه حتى يقوم) أخرجه ابن أبي الدنيا في القبور، وفيه عبد الله بن سمعان، ولم أقف على حاله". اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (٣/ ٢٩٧): "عبد الله بن سمعان: ذكره شيخي العراقي في تخريج الإحياء في حديث عائشة، وقال: وفي سنده عبد الله بن سمعان لا أعرف حاله. قلت: يجوز لاحتمال أن يكون هو المُخرَّج له في بعض الكتب، وهو عبد الله بن زياد بن سمعان، يُنسب إلى جده كثيراً، وهو أحد الضعفاء". اهـ