للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين يحتجُّون بما في هذا، فمن أين لهم أَنَّ تلك الأمم لم تكن تنفعهم الصدقة عنهم بعد الموت .... ، وما زال الدعاء والشفاعة نافِعَين لجميع الأمم، فإبراهيم وموسى والأنبياء قد دعوا للصالحين من قومهم، وهو نافع لهم، وليس من سعيهم، والملائكة يستغفرون لمن في الأرض من المؤمنين، ممن مضى ومن بقي". اهـ (١)

الجواب الرابع: أَنَّ المراد بالإنسان في الآية: الكافر، وأما المؤمن فله ما سعى وما سُعيَ له، كما دلت عليه أحاديث الباب.

قاله الربيع بن أنس. (٢)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا أيضاً ضعيف جداً؛ فإنَّ الذي في صحف إبراهيم وموسى لا يختصُّ به الكافر، وقوله بعده: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)) [النجم: ٣٩] الآيات، يتناول المؤمن قطعاً، وهو ضمير الإنسان. بل لو قيل: إنه يتناول المؤمن دون الكافر لكان أرجح من العكس، مع أَنَّ حكم العدل لا فرق فيه بين مؤمن وكافر، وما استحقه المؤمن بخصوصه؛ فهو بإيمانه ومن سعيه". اهـ (٣)

الجواب الخامس: أَنَّ الآية منسوخةٌ بقوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) [الطور: ٢١].

رُوي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - من طريق علي بن أبي طلحة - في قوله تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)) - قال ابن عباس: "فأنزل الله بعد هذا: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) [الطور: ٢١]، قال: فأدخل الله تعالى الأبناء بصلاح الآباء الجنة". (٤)


(١) تفسير آيات أشكلت، لابن تيمية (١/ ٤٦١ - ٤٦٢)، وانظر: الروح، لابن القيم، ص (٣١٥).
(٢) انظر: تفسير البغوي (٤/ ٢٥٤)، والمحرر الوجيز، لابن عطية (٥/ ٢٠٦)، وزاد المسير، لابن الجوزي
(٧/ ٢٨٥).
(٣) تفسير آيات أشكلت، لابن تيمية (١/ ٤٦٣)، وانظر: مفاتيح الغيب، للرازي (٢٩/ ١٤)، والروح، لابن القيم، ص (٣١٣)، وأضواء البيان، للشنقيطي (١٠/ ٢٧٨).
(٤) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١١/ ٥٣٤)، والنحاس في الناسخ والمنسوخ (٣/ ٣٦)، =

<<  <   >  >>