للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعتُرِضَ: بأَنَّ لفظ الآيتين لفظ خبر، والأخبار لا يدخلها النسخ. (١)

إلا أَنَّ شيخ الإسلام ابن تيمية لا يرى أَنَّ هذا المروي عن ابن عباس يدخل في النسخ، حيث قال: "اللفظ المنقول عن ابن عباس: رواه علي بن أبي طلحة الوالبي، عنه - وقد قيل: إنه لم يسمعه منه، بل من أصحاب ابن عباس - قال: "فأدخل الله الأبناء بصلاح الآباء الجنة"، ولم يذكر نسخاً، ولو ذكره فمراد الصحابة بالنسخ: هو المذكور في قوله: (فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ) [الحج: ٥٢]، وهو فَهْمُ معنى الآية على غير الصواب والمراد بها.

فقد بيَّن ابن عباس أَنَّه لم يُرِدْ بهذه الآية أَنَّ الإنسان لا ينتفع بعمل غيره، فإنَّ الأبناء انتفعوا بعمل آبائهم، فهذا نسخٌ لما فُهِمَ منها، لا لما دلَّت عليه، وهذا القول المنقول عن ابن عباس أحسن ما قيل فيها، وقد ضعَّفه من لم يفهمه.

قال: وقد نقل البغوي هذا عن ابن عباس، وقال: "هذا منسوخ الحكم في هذه الشريعة" (٢)، ولم يقل ابن عباس هذا، وما أكثر ما يُحَرَّف على ابن عباس ويُغْلَطُ عليه". اهـ (٣)

الجواب السادس: أَنَّ قوله: (مَا سَعَى)، بمعنى: ما نوى.

قاله أبو بكر الوراق (٤). (٥)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذا ليس قولاً في محل الاشتباه، وإنما هو تفسير للفظ السعي، والسعي هو: العمل ونيَّة الخير، يُثاب عليها وإنْ لم يعملها، وأما إذا هَمَّ بالشر فلا يُعاقب عليه إلا أنْ يعمله، والإنسان قد ينتفع


= والبيهقي في الاعتقاد، ص (١٦٦ - ١٦٧)، وابن الجوزي في نواسخ القرآن، ص (٢٠٧).
(١) انظر: المحرر الوجيز، لابن عطية (٥/ ٢٠٧)، وزاد المسير، لابن الجوزي (٧/ ٢٨٥)، والتسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي (٢/ ٣٢٠)، وأضواء البيان، للشنقيطي (١٠/ ٢٧٨).
(٢) تفسير البغوي (٤/ ٢٥٤).
(٣) تفسير آيات أشكلت، لابن تيمية (١/ ٤٥٩ - ٤٦٠).
(٤) هو: محمد بن إسماعيل بن العباس، البغدادي، المستملي، أبو بكر الوراق، من أئمة الحديث، ثقة مأمون، مات سنة (٣٧٨ هـ). انظر: تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي (٢/ ٥٣)، وسير أعلام النبلاء، للذهبي (١٦/ ٣٨٨).
(٥) انظر: زاد المسير، لابن الجوزي (٧/ ٢٨٥)، وتفسير القرطبي (١٧/ ٧٥).

<<  <   >  >>