للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قاله الحسين بن الفضل (١). (٢)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهو أمثل من غيره من الأقوال، ومعناه صحيح، لكنه لم يُفَسِّر الآية؛ فإنَّ قوله: (لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ) نفي عام، فليس له إلا ذلك، وهذا هو العدل، ثم إنَّ الله قد ينفعه ويرحمه بغير سعيه، من جهة فضله". اهـ (٣)

الجواب الحادي عشر: وهو جواب أبي الوفاء بن عقيل (٤)، قال: "الجواب الجيد عندي أنْ يُقال: الإنسان - بسعيه وحسن عشرته - اكتسب الأصدقاء، وأولد الأولاد، ونكح الأزواج، وأسدى الخير، وتودد إلى الناس؛ فترحموا عليه، وأهدوا له العبادات، وكان ذلك أثر سعيه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ". (٥) ". اهـ (٦)

الجواب الثاني عشر: وهو جواب أبي عبد الله القرطبي، قال: "ويُحتمل أنْ يكون قوله: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)) [النجم: ٣٩] خاص في السيئة، بدليل ما في صحيح مسلم، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبْتُهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كَتَبْتُهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ، إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَإِذَا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ أَكْتُبْهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا كَتَبْتُهَا سَيِّئَةً وَاحِدَةً". (٧) ". اهـ (٨)

الرابع: مذهب إعمال الآية، وتخصيص الأحاديث.

وهذا مذهب الشوكاني، وتبعه الألباني، حيث ذهبا إلى تخصيص الأحاديث بالآية.


(١) هو الحسين بن الفضل بن عمير، العلامة، المفسر، الإمام، اللغوي، المحدث، أبو علي البجلي، الكوفي، ثم النيسابوري، عالم مصر وإمامه في معاني القرآن، أقام بنيسابور يعلم الناس ويفتي حتى توفي سنة
(٢٨٢ هـ). انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي (١٣/ ٤١٤).
(٢) انظر: المحرر الوجيز، لابن عطية (٥/ ٢٠٦)، وزاد المسير، لابن الجوزي (٧/ ٢٨٥)، وتفسير آيات أشكلت، لابن تيمية (١/ ٤٦٣ - ٤٦٤).
(٣) تفسير آيات أشكلت، لابن تيمية (١/ ٤٦٤).
(٤) هو: الإمام العلامة البحر، أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي، الظفري، الحنبلي، المتكلم، صاحب التصانيف، كان يتوقد ذكاءً، وكان بحر معارف، وكنز فضائل، لم يكن له في زمانه نظير على بدعته، وعلق كتاب "الفنون" وهو أزيد من أربع مائة مجلد، حشد فيه كل ما كان يجري له مع الفضلاء والتلامذة، وما يسنح له من الدقائق والغوامض، وما يسمعه من العجائب والحوادث، وقد كان الحنابلة ينهونه عن مجالسة المعتزلة فأبى حتى وقع في حبائلهم، وتجاسر على تأويل النصوص، من مؤلفاته: كتاب "الفنون"، وهو كتاب كبير جداً، فيه الوعظ، والتفسير، والفقه، والنحو، وغير ذلك، وله كتاب "عمدة الأحكام"، توفي سنة (٥١٣ هـ). انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي (١٩/ ٤٤٣).
(٥) أخرجه أبو داود في سننه، في كتاب البيوع، حديث (٣٥٢٨)، والترمذي في سننه، في كتاب الأحكام، حديث (١٣٥٨)، وقال: "حديث حسن صحيح".
(٦) انظر: الروح، لابن القيم، ص (٣١٧ - ٣١٨).
(٧) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (١٢٨).
(٨) تفسير القرطبي (١٧/ ٧٤)، والتذكرة في أحوال الموتى والآخرة، للقرطبي، ص (٩٠).

<<  <   >  >>