للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الشوكاني فاقتصر على تخصيص حديث الصدقة دون بقية الأحاديث، وأما الألباني فيرى تخصيص جميع الأحاديث.

قال الشوكاني - بعد أنْ أورد الأحاديث الدالة على وصول ثواب الصدقة إلى الميت - قال: "وأحاديث الباب تدل على أَنَّ الصدقة من الولد تلحق الوالدين بعد موتهما، بدون وصية منهما، ويصل إليهما ثوابها، فيُخصص بهذه الأحاديث عموم قوله تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)) [النجم: ٣٩]، ولكن ليس في أحاديث الباب إلا لحوق الصدقة من الولد، وقد ثبت أَنَّ ولد الإنسان من سعيه، فلا حاجة إلى دعوى التخصيص، وأما من غير الولد فالظاهر من العمومات القرآنية أَنَّه لا يصل ثوابه إلى الميت، فيوقف عليها حتى يأتي دليل يقتضي تخصيصها". اهـ (١)

وقال الألباني - بعد أنْ ساق كلام الشوكاني -: "وهذا هو الحق الذي تقتضيه القواعد العلمية، أَنَّ الآية على عمومها، وأَنَّ ثواب الصدقة وغيرها يصل من الولد إلى الوالد؛ لأَنَّه من سعيه، بخلاف غير الولد". اهـ (٢)

لكن يَرِدُ على قولهما ما حُكي من الإجماع على وصول ثواب الصدقة إلى الميت مطلقاً، سواء كانت من ولده أو من غيره. (٣)

وقد ناقش الألباني حكاية الإجماع، ورجح عدم صحته، حيث قال: "نقل النووي وغيره الإجماع على أَنَّ الصدقة تقع عن الميت، ويصله ثوابها، هكذا قالوا: (الميت)، فأطلقوه ولم يقيدوه بالوالد، فإنْ صح هذا الإجماع كان مُخصصاً للعمومات التي أشار إليها الشوكاني فيما يتعلق بالصدقة (٤)،


(١) نيل الأوطار، للشوكاني (٤/ ١١٢).
(٢) أحكام الجنائز، للألباني، ص (٢١٩).
(٣) تقدم توثيق الإجماع وذِكْرُ من حكاه في أول المسألة.
(٤) وقال في موضع آخر: "وقد نقل بعضهم الإجماع على وصول الصدقة إلى الميت مطلقاً، فإن صحَّ ذلك فيه، ولم يصح، وإلا فالأحاديث التي وردت في التصدق عنه إنما موردها في صدقة الولد عن الوالدين، وهو من كسبهما بنص الحديث، فلا يجوز قياس الغريب عليهما؛ لأنه قياس مع الفارق كما هو ظاهر، ولا قياس الصدقة على القضاء؛ لأنه أعم منه كما ذكرنا". أحكام الجنائز، ص (٢٨).

<<  <   >  >>