للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويظل ما عداها داخلاً في العموم، كالصيام (١)، وقراءة القرآن، ونحوهما من العبادات، ولكنني في شك كبير من صحة الإجماع المذكور، وذلك لأمرين: الأول: أَنَّ الإجماع بالمعنى الأصولي لا يمكن تحققه في غير المسائل التي عُلِمَت من الدين بالضرورة، كما حقق ذلك العلماء الفحول ... ، وقد أشار إلى ذلك الإمام أحمد، في كلمته المشهورة في الرد على من ادعى الإجماع ....

الثاني: أنني سَبَرْتُ كثيراً من المسائل التي نقلوا الإجماع فيها، فوجدت الخلاف فيها معروفاً! بل رأيت مذهب الجمهور على خلاف دعوى الإجماع فيها، ولو شئت أنْ أورد الأمثلة على ذلك لطال الكلام، وخرجنا به عما نحن بصدده". اهـ (٢)

الخامس: مذهب إعمال الآية، وتخصيص حديث الحج.

وهذا مذهب الإمام مالك في رواية، حيث حُكيَ عنه أَنَّه قال: لا يحج أحدٌ عن أحدٍ مطلقاً، سواء أوصى الميت أو لم يوصِ.

وأجاب عن حديث الحج، بأَنَّه مخصوص بالجهنية التي سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. (٣)

المسلك الثاني: مسلك الترجيح بين الآية والأحاديث:

وقد اختلف أصحاب هذا المسلك في الترجيح على مذاهب:

الأول: مذهب إعمال الآية، ورد حديث الصوم.

وهذا مذهب الإمام مالك (٤)،


(١) يرى الألباني - تبعاً للإمام أحمد - أنه لا يُصام عن الميت إلا صوم النذر فقط. انظر: أحكام الجنائز، ص (٢١٥).
(٢) أحكام الجنائز، ص (٢١٩ - ٢٢٠)، وانظر: الكتاب نفسه، ص (٢٨).
(٣) انظر: الاستذكار، لابن عبد البر (١٢/ ٦٠)، وإكمال المعلم بفوائد مسلم، للقاضي عياض (٤/ ٤٣٩)، وشرح صحيح مسلم، للنووي (٩/ ١٤١)، وفتح الباري، لابن حجر (٤/ ٧٩).
(٤) انظر: الموطأ، للإمام مالك (١/ ٣٠٣)، والمدونة، له (١/ ٢٧٩)، والتمهيد، =

<<  <   >  >>