للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أنه تعالى قال: (ذُو مِرَّةٍ) أي حسن الخلق، وهو الكريم المذكور في سورة التكوير.

الثالث: أنه قال: (فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧)) وهو ناحية السماء العليا، وهذا استواء جبريل بالأفق الأعلى، وأما استواء الرب جل جلاله فعلى عرشه.

الرابع: أنه قال: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤))، والمرئي عند السدرة هو جبريل قطعاً، وبهذا فسره النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية فقال: «جبريل، لم أرَهُ في صورته التي خُلِقَ عليها إلا مرتين». (١)

الخامس: أنَّ مُفَسِّرَ الضمير في قوله: (وَلَقَدْ رَآهُ) وفي قوله: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) وفي قوله: (فَاسْتَوَى)، وفي قوله: (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧)) واحد، فلا يجوز أنْ يُخالف بين المُفَسِّر والمُفَسَّر من غير دليل.

السادس: أنه سبحانه ذكر في هذه السورة الرسولين الكريمين، الملكي والبشري، ونزَّه البشري عن الضلال والغواية، ونزَّه الملكي عن أنْ يكون شيطاناً قبيحاً ضعيفاً؛ بل هو قوي كريم حسن الخلق، وهذا نظير الوصف المذكور في سورة التكوير سواء.

السابع: أنَّه أخبر هناك أنه رآه بالأفق المبين، وهاهنا أخبر أنه رآه بالأفق الأعلى، وهو واحدٌ وُصِفَ بصِفَتين، فهو مُبين، وهو أعلى؛ فإنَّ الشيء كلما علا: بَانَ وظَهَر.

الثامن: أنَّه قال: (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦)) والمرة الخلق الحسن المحكم، فأخبر عن حُسْنِ خُلُقِ الذي عَلَّمَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم ساق الخبر كله عنه نسقاً واحداً.

التاسع: أنَّه لو كان خبراً عن الرب تعالى لكان القرآن قد دَلَّ على أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه سبحانه مرتين، مرَّة بالأفق، ومرَّة عند السدرة، ومعلوم أنَّ الأمر لو كان كذلك لم يَقُلْ النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر وقد سأله هل رأيت ربك؟


(١) تقدم تخريجه في أول المسألة.

<<  <   >  >>