للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحتمل أنَّ النار المذكورة في حديث أنس نار أخرى غير المذكورة في حديث حذيفة، فالأولى تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، والثانية تخرج من اليمن فتسوق الناس إلى المحشر الذي هو أرض الشام، فتكون الأولى أول الآيات، والثانية آخر الآيات.

يقوي هذا الاحتمال اختلاف مكان وصفة خروج كل من النارين؛ فالأولى تخرج من المشرق وتسوق الناس إلى المغرب، والثانية تخرج من اليمن وتسوق الناس إلى محشرهم. (١)

وبهذا يتبين أنَّ الحديث الوارد في أنَّ أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة، لا ينافي القول بأن أولها خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام، لما علمت من اختلاف الروايات في أول الآيات، ولما ذُكِرَ من أنَّ الأولية في الحديث ليست على إطلاقها، وعليه فلا يصح الاعتراض، والله تعالى أعلم. (٢)

الإيراد الثاني: أنَّ في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - تقديم طلوع الشمس من مغربها على الدجال، فكيف يقال إن طلوعها آخر الثلاث؟

والجواب: أنَّ هذا الترتيب غير مُتفقٍ عليه بين رواة الحديث، وتفصيل ذلك:

أنَّ الحديث رواه فضيل بن غزوان، وقد رُويَ عن فضيل من أربعة طرق، وفي كل طريق اختلاف في ترتيب الآيات:

الأول: طريق وكيع بن الجراح: وقد اتفق الرواة عنه على الترتيب الآتي: طلوع الشمس، والدجال، والدابة.

الثاني: طريق يعلى بن عبيد: وقد اختلف الرواة عنه في الترتيب:

فرواه عبد بن حميد، وإسحاق بن راهويه، والصغاني، بلفظ: الدجال، والدابة، وطلوع الشمس.

ورواه عنه محمد بن عبد الوهاب، بلفظ: طلوع الشمس، والدجال، والدابة.


(١) انظر: لوامع الأنوار البهية، للسفاريني (٢/ ١٥٠).
(٢) انظر: القناعة فيما يحسن الإحاطة من أشراط الساعة، للسخاوي، ص (٦٢).

<<  <   >  >>