للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: طريق محمد بن فضيل: وقد اختلف الرواة عنه في الترتيب:

فرواه محمد بن العلاء، وعبد الله بن عامر بلفظ: طلوع الشمس، والدجال، والدابة.

ورواه أبو هشام الرفاعي بلفظ: الدابة، والدجال، وطلوع الشمس.

الرابع: طريق إسحاق بن يوسف: ولم يخرجه من هذا الطريق إلا مسلم في صحيحه، ولم يذكر لفظ الحديث، وإنما ذكر هذا الطريق متابعة. (١)

والخلاصة: أنَّ هذه الروايات الواردة في ترتيب الحديث لا يمكن الجزم بأن أحدها هو الذي قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وإذ الأمر كذلك فلا يصح الجزم بأن طلوع الشمس من مغربها هو أول الثلاث.

وعلى التسليم بأن الحديث قد جاء هكذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بتقديم الطلوع على الثلاث؛ فإنه لا يدل على تقدم الطلوع؛ لأن تقديمها في الذكر لا يقتضي تقدمها في الوقوع (٢)، كما أنَّ العطف لا يفيد الترتيب (٣)، ولاحتمال أن يكون


(١) تقدم تخريج هذه الطرق في أول المسألة.
(٢) انظر: الكليات، للكفوي، ص (١٥٩)، (١٠٦٦)، وفتح القدير، للشوكاني (١/ ١٥٣)، وقواعد التفسير، للسبت (١/ ٣٧٩).
(٣) مذهب الجمهور من الأصوليين والنحاة أن «الواو» العاطفة تجيء لمطلق الجمع، فيُعطف بها الشيء على مصاحبه، ولا تفيد الترتيب. قال سيبويه: «ولم تُلْزِمِ الواوُ الشيئين أن يكون أحدهما بعد الآخر، ألا ترى أنك إذا قلت: مررت بزيد وعمرو، لم يكن في هذا دليل أنك مررت بعمرو بعد زيد».
وقال: «وإنما جئت بالواو لتضم الآخر إلى الأول وتجمعهما، وليس فيه دليل على أن أحدهما قبل الآخر». اهـ انظر: الكتاب، لسيبويه (١/ ٢٩١) و (٤/ ٢١٦).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (١٨/ ٢١٧): «لفظ الواو لا يفيد الترتيب على الصحيح الذي عليه الجمهور». اهـ
وقال الشنقيطي في «أضواء البيان» (٧/ ١٣٣): «أطبق جمهور أهل اللسان العربي على أن الواو لا تقتضي الترتيب ولا الجمع، وإنما تقتضي مطلق التشريك، وقد ادعى السيرافي والسهيلي إجماع النحاة على ذلك وعزاه لأكثر المحققين وهو الحق، خلافاً لما قاله قطرب والفراء وثعلب وأبو عمرو الزاهد وهشام والشافعي، من أنها تفيد الترتيب لكثرة استعمالها فيه، وقد أنكر السيرافي ثبوت هذا القول عن الفراء، وقال: لم أجده في كتابه. وقال ولي الدين: أنكر أصحابنا نسبة هذا القول إلى الشافعي. حكاه عنه صاحب الضياء اللامع». اهـ
وللجمهور أدلة، منها: =

<<  <   >  >>