للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إشراكهم فيما آتاهم الله: تسميتهم أولادهم بعبد العزى، وعبد مناة، وعبد شمس، وما أشبه ذلك، مكان عبد الله، وعبد الرحمن، وعبد الرحيم». اهـ (١)

وقال الحافظ ابن كثير: «وأما نحن فعلى مذهب الحسن البصري - رحمه الله - في هذا، وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء، وإنما المراد من ذلك المشركون من ذريته ... ، فذِكْرُ آدم وحواء أولاً كالتوطئة لما بعدهما من الوالدين (٢)، وهو كالاستطراد من ذكر الشخص إلى الجنس؛ كما في قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (١٣)) [المؤمنون: ١٢ - ١٣]، وقال تعالى: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ) [الملك: ٥]، ومعلوم أنَّ المصابيح - وهي النجوم التي زُيِّنت بها السماء - ليست هي التي يُرمى بها، وإنما هذا استطراد من شخص المصابيح إلى جنسها، ولهذا نظائر في القرآن، والله أعلم». اهـ (٣)

واعتُرِضَ على هذا القول: بأن فيه تشتيتاً للضمائر، والأصل اتساق الضمائر وعودها لمذكور واحد. (٤)

القول الثاني: أنَّ الآيات معنيٌّ بها المشركون من بني آدم عموماً، وليس فيها تعرض لآدم وحواء بوجه من الوجوه.

وهذا اختيار: النحاس (٥)، والقفال (٦)،

وابن حزم (٧)، وابن العربي (٨)، والرازي (٩)، وناصر الدين ابن المنيِّر (١٠) (١١)، والقاسمي (١٢)، وابن عثيمين (١٣).


(١) الكشاف (٢/ ١٨٠).
(٢) كذا في الأصل، ولعل الصواب: الأولاد.
(٣) تفسير ابن كثير (٢/ ٢٨٧). وانظر: البداية والنهاية (١/ ٨٩).
(٤) انظر: القول المفيد على كتاب التوحيد، لابن عثيمين (٣/ ٦٣).
(٥) معاني القرآن (٣/ ١١٦).
(٦) هو: محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي، القفال، أبو بكر: من أكابر علماء عصره بالفقه والحديث واللغة والأدب. من أهل ما وراء النهر. عنه انتشر مذهب (الشافعي) في بلاده. مولده ووفاته في الشاش (وراء نهر سيحون) رحل إلى خراسان والعراق والحجاز والشام. من كتبه (أصول الفقه) و (محاسن الشريعة) و (شرح رسالة الشافعي)، وغيرها (ت: ٣٦٥ هـ). انظر: الأعلام، للزركلي (٦/ ٢٧٤).
(٧) الفصل في الملل والأهواء والنحل (٢/ ٢٨٨).
(٨) أحكام القرآن، لابن العربي (٢/ ٣٥٥).
(٩) مفاتيح الغيب (١٥/ ٧١)، وعصمة الأنبياء، ص (٢٩).
(١٠) هو: أحمد بن محمد بن منصور: من علماء الإسكندرية وأدبائها. ولي قضاءها وخطابتها مرتين. له تصانيف، منها: (الانتصاف من الكشاف)، و (المقتفى في شرف المصطفى) وغيرهما (ت: ٦٨٣ هـ). انظر: كشف الظنون، لحاجي خليفة (١/ ١٣٦)، والأعلام، للزركلي (١/ ٢٢٠).
(١١) الانتصاف (٢/ ١٨٠).
(١٢) محاسن التأويل (٥/ ٢٣٥ - ٢٣٦).
(١٣) القول المفيد (٣/ ٦٢، ٦٨).

<<  <   >  >>