للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأول: قوله تعالى في آخر الآيتين: (فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) وهذا يدل على أنَّ الذين أتوا بهذا الشرك جماعة، ولو كان المراد آدم وحواء - عليهما السلام - لعبَّرَ عنهما بصيغة التثنية. (١)

الدليل الثاني: أنه تعالى قال بعد هذه الآيات: (أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١)) [الأعراف: ١٩١]، وهذا يدل على أنَّ المقصود من هذه الآية الرد على من جعل الأصنام شركاء لله تعالى، وليس المراد بها آدم وحواء - عليهما السلام. (٢)

الدليل الثالث: لو كان المراد إبليس لقال: أيشركون «من» لا يخلق شيئاً، ولم يقل «ما»؛ لأن العاقل إنما يُذكر بصيغة «من» لا بصيغة «ما». (٣)

الدليل الرابع: أنَّ هذا القول فيه تنزيه لمقام آدم - عليه السلام - من الشرك، والقول الذي فيه تنزيه لمقام الأنبياء وإجلال لمقامهم، مقدم في التفسير على القول الذي فيه قدح بعصمتهم، وحط من منزلتهم. (٤)

الدليل الخامس: أنَّ المروي عن سمرة - رضي الله عنه - في تفسير الآيتين لم يثبت بسند صحيح، وعليه فلا يصح حمل الآيات على أمور مغيبة لم يثبت فيها دليل من كتاب أو سنة. (٥)

الدليل السادس: أنه لو كانت هذه القصة في أدم وحواء، لكان حالهما إما أنْ يتوبا من ذلك الشرك أو يموتا عليه، فإن قلنا: ماتا عليه، كان هذا القول فيه فرية عظيمة؛ لأنه لا يجوز موت أحد من الأنبياء على الشرك، وإن


(١) انظر: معاني القرآن، للنحاس (٣/ ١١٦)، والكشاف، للزمخشري (٢/ ١٨٠)، ومفاتيح الغيب، للرازي (١٥/ ٧٠، ٧٣)، وتفسير القرطبي (٧/ ٢١٥)، وتفسير النسفي (٢/ ١٣٠)، والتسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي (١/ ٣١٦)، وأضواء البيان، للشنقيطي (٢/ ٣٤٣)، والقول المفيد على كتاب التوحيد، لابن عثيمين (٣/ ٦٨).
(٢) انظر: مفاتيح الغيب، للرازي (١٥/ ٧٠).
(٣) انظر: المصدر السابق.
(٤) انظر: أحكام القرآن، لابن العربي (٢/ ٣٥٥)، ومفاتيح الغيب (١٥/ ٧١)، والتسهيل لعلوم التنزيل (١/ ٣١٦)، والقول المفيد على كتاب التوحيد (٣/ ٦٧).
(٥) انظر: التسهيل لعلوم التنزيل (١/ ٣١٦)، والقول المفيد على كتاب التوحيد (٣/ ٦٧).

<<  <   >  >>