للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنتُمْ صَامِتُونَ (١٩٣) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (١٩٤)) [الأعراف: ١٩١ - ١٩٤].

٤ - أنه لم يثبت دليل على أنَّ الآيات معني بها آدم وحواء - عليهما السلام - إلا ما روي من حديث سمرة - رضي الله عنه -، وهو ضعيف كما تقدم، وما روي عن ابن عباس في تفسير الآيات يعد من الإسرائيليات المتلقفة عن مسلمة أهل الكتاب، وإنما التبس على كثير من المفسرين الأمر، وظنوا أنها في آدم وحواء، بسبب هذه الروايات، وهذه آفةٌ من آفات الإسرائيليات والتي تُعد من الدخيل السيئ في التفسير.

قال الحافظ ابن كثير - بعد أنْ أورد أثر ابن عباس رضي الله عنهما في الآيات -: «وقد تلقى هذا الأثر عن ابن عباس جماعة من أصحابه، كمجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومن الطبقة الثانية: قتادة، والسدي، وغير واحد من السلف، وجماعة من الخلف، ومن المفسرين من المتأخرين جماعات لا يحصون كثرة، وكأنه - والله أعلم - أصله مأخوذ من أهل الكتاب؛ فإن ابن عباس رواه عن أبي بن كعب ... ، وهذه الآثار يظهر عليها - والله أعلم - أنها من آثار أهل الكتاب». اهـ (١)

الإيرادات والاعتراضات على هذا الاختيار وأدلته:

الإيراد الأول: أنَّ ابن جرير الطبري حكى الإجماع على أنَّ الآيتين معني بها آدم وحواء - عليهما السلام - وعليه فلا يجوز القول بأن الآيتين معني بها المشركون؛ لأن في هذا مخالفة للإجماع.

والجواب: أنَّ لابن جرير رأياً آخر في معنى الإجماع، فهو يرى أنَّ الإجماع ينعقد بقول الأكثرين، ولا يعتد بمخالفة الواحد والاثنين، ويعده شذوذاً. (٢)


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ٢٨٦).
(٢) نقل هذا المذهب عن ابن جرير: أبو إسحاق الشيرازي في «اللمع»، ص (١٨٧)، وشرح اللمع (٢/ ٧٠٤)، وإمام الحرمين في «البرهان» (١/ ٧٢١)، وأبو يعلى في «العدة» (٤/ ١١١٩)، وابن قدامة في «روضة الناظر» (٢/ ٤٧٣).
وقد وافق ابنَ جريرٍ في ذلك: أبو بكر الجصاص. في كتابه: الفصول في الأصول (٣/ ٢٩٩).

<<  <   >  >>