آثرتُ أن أنقل كلامه بطوله؛ لجودته ونفاسته، ولكن بعد نقل كلام الحافظ بتمامه، حتى يلتئم الكلام بعضه مع بعض:
قال الحافظ ابن حجر - بعد أن ساق بعضاً من روايات الحديث -: «وكلها سوى طريق سعيد بن جبير إما ضعيف أو منقطع، لكن كثرة الطرق تدل على أنَّ للقصة أصلاً، مع أنَّ لها طريقين آخرين مرسلين، رجالهما على شرط الصحيحين، أحدهما: ما أخرجه الطبري من طريق يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام .... ، فذكره. والثاني: ما أخرجه أيضاً من طريق المعتمر بن سليمان، وحماد بن سلمة، فرقهما عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية.
قال: وقد تجرأ أبو بكر بن العربي كعادته فقال: ذكر الطبري في ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها. وهو إطلاق مردود عليه، وكذا قول عياض: هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند سليم متصل، مع ضعف نقلته، واضطراب رواياته، وانقطاع إسناده. وكذا قوله: ومن حُمِلَتْ عنه هذه القصة من التابعين والمفسرين لم يسندها أحد منهم، ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم في ذلك ضعيفة واهية. قال: وقد بين البزار أنه لا يُعرف من طريق يجوز ذكره؛ إلا طريق أبي بشر، عن سعيد بن جبير، مع الشك الذي وقع في وصله، وأما الكلبي فلا تجوز الرواية عنه؛ لقوة ضعفه. ثم رده من طريق النظر: بأن ذلك لو وقع لارتد كثير ممن أسلم. قال: ولم ينقل ذلك. انتهى.
قال الحافظ ابن حجر: وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد؛ فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أنَّ لها أصلاً، وقد ذكرتُ أنَّ ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل، وكذا من لا يحتج به؛ لاعتضاد بعضها ببعض ... ». اهـ (١)
مناقشة الألباني لابن حجر:
قال الألباني - بعد أن أورد كلام الحافظ السابق -: «والجواب عن ذلك من وجوه: