للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المفسرين والعلماء الراسخين: أنَّ ذلك القول الشنيع ليس بصحيح، ولا يليق بذوي المروءات، فأحرى بخير البريات، وأن تلك الآية إنما تفسيرها ما حُكي عن علي بن حسين .... ». اهـ (١)

أدلة هذا المسلك:

استدل أصحاب هذا المسلك بأدلة منها:

الأول: أنَّ الله تعالى أخبر أنه مُظهِرٌ ما كان يخفيه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ)، ولم يُظهرْ سبحانه غير تزويجها منه، حيث قال: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا)، فلو كان الذي أضمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محبتها أو إرادة طلاقها؛ لأظهر الله تعالى ذلك؛ لأنه لا يجوز أن يُخبر أنه يُظهرِهُ ثم يكتمه فلا يظهره، فدل على أنه إنما عُوتِبَ على إخفاء ما أعلمه الله إياه: أنها ستكون زوجة له، لا ما ادعاه هؤلاء أنه أحبها، ولو كان هذا هو الذي أخفاه لأظهره الله تعالى كما وعد. (٢)

الدليل الثاني: أنَّ الله تعالى قال بعد هذه الآية: (مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ) [الأحزاب: ٣٨]، وهذه الآية تدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن عليه حرج في زواجه من زينب رضي الله عنها، ولو كان على ما روي من أنه أحبها وتمنى طلاق زيدٍ لها، لكان فيه أعظم الحرج؛ لأنه لا يليق به مدَّ عينيه إلى نساء الغير، وقد نُهي عن ذلك في قوله تعالى: (لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨)) [الحجر: ٨٨]. (٣)

الدليل الثالث: أن زينب رضي الله عنها هي بنت عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤)، ولم يزل يراها منذ ولِدَت، وكان معها في كل وقت وموضع، ولم يكن حينئذ حجاب، وهو الذي زوجها لمولاه زيد، فكيف تنشأُ معه، وينشأُ معها، ويلحظها في كل


(١) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (١/ ٤٠٦)، باختصار.
(٢) انظر: تفسير البغوي (٣/ ٥٣٢)، والشفا، للقاضي عياض (٢/ ١١٧)، وأضواء البيان، للشنقيطي (٦/ ٥٨٢ - ٥٨٣).
(٣) انظر: الشفا (٢/ ١١٨)، وأحكام القرآن، لابن العربي (٣/ ٥٧٨)، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (١/ ٤٠٦).
(٤) لأن أمها أميمة بنت عبد المطلب.

<<  <   >  >>