للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن الحجر الذي يوضع لا يكون مشرفًا على غيره من القبور، بل يكون مماثلاً لها، لأن علي بن أبي طالب قال لأبي الهياج الأسدي: (ألا أبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عليه رسول الله

ألَّا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ) (١). (٢)

س ١٢٤: هل وضع شيء على القبور من أشجار رطبة وغيرها من السنة بدليل صاحبي القبرين اللذين يعذبان، أم أن ذلك خاص بالرسول وما دليل الخصوصية؟

الجواب: وضع الشيء الرطب من أغصان، أو غيرها على القبر ليس بسنة، بل هو بدعة، وسوء ظن بالميت؛ لأن النبي لم يكن يضع على كل قبر شيئًا من ذلك، وإنما وضع على قبرين علم أنهما يعذبان (٣)، فوضع الجريدة على القبر جناية عظيمة على الميت، وسوء ظن به، ولا يجوز لأحد أن يسيء الظن بأخيه المسلم؛ لأن هذا الذي يضع الجريدة على القبر يعني أنه يعتقد أن هذا القبر يعذب؛ لأن النبي لم يضعها على القبرين إلا حين علم أنهما يعذبان.


(١) المجيب: ابن عثيمين. ينظر: مجموع فتاوى ورسائل العثيمين ١٧/ ١٩٠.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه ٢/ ٦٦٦.
(٣) كما في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقبرين، فقال: «إِنِّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ»، ثم أخذ جريدة رطبة، فشقها نصفين، فغرز في كل قبر واحدة، قالوا: يا رسول الله، لم فعلت هذا؟ قال: «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا»، أخرجه البخاري في صحيحه ١/ ٥٤، ومسلم في صحيحه ١/ ٢٤٠.

<<  <   >  >>