ولم يجعل له فعلًا اختياريًّا يقوم به؛ بل أفعاله مفعولات منفصلة عنه! فنفى حقيقة محبّته، وإتيانه، واستوائه على عرشه، وتكليمه موسى صلى الله عليه وسلم من جانب الطّور، ومجيئه يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده بنفسه ... إلى غير ذلك من أفعاله وأوصاف كماله التي نفوها؛ وزعموا أنّهم بنفيها قدروا الله حقّ قدره!
وكذلك لم يقدره حقّ قدره مَن جعل له صاحبة وولدًا، وجعله يحلّ في مخلوقاته، وجعله عين هذا الوجود!
وكذلك لم يقدره حقّ قدره مَن قال: إنّه رفع أعداء رسله وأهل بيته وأعلى ذكرهم، وجعل فيهم المُلك والخلافة والعزّة، ووضع أولياء رسوله وأهانهم وأذلّهم وضرب عليهم الذّلة أين ما ثُقفوا! وهذا يتضمّن غاية القدح في الرّبّ ـ تبارك وتعالى عن قول الرّافضة علوًّا كبيرًا ـ. وهذا القول مشتقّ من قول اليهود والنّصارى في ربّ العالمين: أنّه أرسل ملكًا ظالمًا؛ فادّعى النّبوّة لنفسه وكذب على الله ـ تعالى ـ، ومكث زمنًا طويلًا يكذب عليه كلّ وقت، ويقول: قال كذا، وأمر بكذا، ونهى عن كذا، وينسخ شرائع أنبيائه ورسله، ويستبيح دماء أتباعهم [وأموالهم] وحريمهم، ويقول: الله ـ تعالى ـ أباح لي ذلك، والرّبّ ـ تبارك وتعالى ـ يُظهره ويؤيّده ويُعليه ويقوّيه ويجيب دعواته، ويمكّنه ممّن يخالفه، ويقيم الأدلّة على صدقه، ولا يعاديه أحد إلَّا ظفر به؛ فيصدقه بقوله وفعله وتقريره، ويحدث أدلّة تصديقه شيئًا بعد شيء! ومعلوم أنّ هذا يتضمّن أعظم القدح والطّعن في الرّبّ ـ سبحانه وتعالى ـ وعلمه وحكمته ورحمته وربوبيّته ـ تعالى عن قول الجاحدين علوًّا كبيرًا ـ.
فوازن بين قول هؤلاء وقول إخوانهم من الرّافضة؛ تجد القولين: