للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من عربيّة القرآن) فاكتبوه بلسان قريش، فإنّما نزل بلسانهم، ففعلوا (١).

وهذا هو الوجه في نسبة رسم المصحف إلى عثمان؛ لأنّه وقع بأمره وإشرافه، ثمّ أجمع عليه المسلمون، فصاروا لا ينسخون مصحفا إلّا على رسمه، ومذهب جمهور العلماء من السّلف والخلف: وجوب المحافظة على ذلك الرّسم في كتابة أو طبع المصاحف، ولا يحلّ تغييره بتغيّر طرق الإملاء والهجاء، وذلك صيانة للقرآن من تصرّفات النّسّاخ والطّابعين.

قال أشهب بن عبد العزيز: سئل مالك، فقيل له: أرأيت من استكتب مصحفا اليوم، أترى أن يكتب على ما أحدث النّاس من الهجاء اليوم؟ فقال: لا أرى ذلك، ولكن يكتب على الكتبة الأولى (٢).

قال الإمام أبو عمرو الدّانيّ: «ولا مخالف له في ذلك من علماء الأمّة» (٣).

ويزيد قول مالك المذكور بيانا ما نقله عنه أشهب كذلك، قال:

سئل


(١) طرف من حديث جمع القرآن، وهو حديث صحيح.
أخرجه البخاريّ (رقم: ٣٣١٥، ٤٦٩٩، ٤٧٠٢) من حديث أنس بن مالك.
في بعض روايات هذا الحديث كلام للزّهريّ لم يذكر ممّن سمعه، ولهذا لم أحتجّ به، ففي رواية التّرمذيّ (رقم: ٣١٠٣) قال الزّهريّ: فاختلفوا يومئذ في التَّابُوتُ [البقرة: ٢٤٨، طه: ٣٩] و (التّابوة)، فقال
القرشيّون: (التّابوت)، وقال زيد: (التّابوة)، فرفع اختلافهم إلى عثمان، فقال: اكتبوه (التّابوت)، فإنّه نزل بلسان قريش.
(٢) أخرجه الدّاني في «المقنع» (ص: ٩ - ١٠) و «المحكم في نقط المصاحف» (ص: ١١) بإسناد يحتمل مثله عن أشهب.
(٣) المقنع (ص: ١٠).

<<  <   >  >>