للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مالك عن الحروف تكون في القرآن، مثل الواو والألف، أترى أن تغيّر من المصحف إذا وجدت فيه كذلك؟ قال: لا (١).

فهذا المنع من علماء الأمّة مالك وغيره خشية أن تؤدّي الرّخصة في ذلك إلى الجرأة على القرآن، وهذا مأخذ صحيح.

ويؤكّده أنّ الرّسم يحتمل جميع وجوه القراءات الصّحيحة، وتيسير أخذ القراءة المعيّنة كرواية حفص مثلا حاصل بما زيد على ذلك الرّسم من النّقط والشّكل والعلامات، مع بقاء الرّسم نفسه بدون تلك الزّيادات محتملا القراءات الأخرى، فلو رسم على ما يتلى به على قراءة واحدة، فإنّ مصلحة احتمال الرّسم لسائر القراءات تزول، وهذه مفسدة، فإنّ الصّحابة رسموه على ما يحتمل وجوه الأحرف السّبعة المتّفقة في الرّسم، ولم يقصدوا تفويت ذلك على الأمّة، فالمسوّغ لخلاف ذلك مجوّز تفويت هذه المصلحة.

وهناك من لا يرى بأسا في كتابة المصحف على ما جرت به قواعد الإملاء الحديثة اليوم، يحسبون ذلك أيسر لتلاوة القرآن، وهذا منهم غلط بيّن، فإنّا نرى في عامّة المسلمين من لا يحسن القراءة، بل لا يعرفها، إلّا في المصحف، ونرى ما ضبط عليه المصحف محقّقا للمقصود على أحسن وجوهه، فحيث انتفت المصلحة الرّاجحة في ذلك، واحتملت المفسدة، بل ترجّحت، فإنّ القول بمنع ذلك أظهر وأبين.


(١) المقنع (ص: ٢٨) بنفس الإسناد المشار إليه في التّعليق قريبا عن أشهب.

<<  <   >  >>