المتعرّضين للتّفسير، قصدوا إلى نصرة بدعهم وأهوائهم بتأويل القرآن، وهم طائفتان سأذكرهم في المبحث الثّامن.
وتحقيق الوقاية عند الأخذ من تلك التّفاسير المشار إليها، يكون بمراعاة أمرين:
أوّلهما: استصحاب حقيقة أنّ كلّ أحد من البشر يؤخذ من قوله ويترك، إلّا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وثانيهما: معرفة سيرة المفسّر: تحصيله، تخصّصه، عقيدته، مذهبه، فالمدرسة الّتي تلقّى فيها، والشّيوخ الّذين أخذ عنهم، والمذهب الّذي اعتنى به، والبيئة والزّمن الّذي كان فيه، جميع ذلك قد يترك آثارا في شخصيّته تنعكس في صوابها وخطئها على ما يؤلّفه ويكتبه.
فمفسّر عاش في بلاد الشّام في القرن السّابع الهجريّ، شيوخه حنابلة في الفقه والاعتقاد، والفقه أغلب عليه مع دراية صالحة بالحديث والأثر، مع حظّ حسن من اللّغة، وزمانه لم يخل من جدل كلاميّ، لكنّ خوض الحنابلة فيه أقلّ من غيرهم، فهذا تركن إليه النّفس في تفسيره في جانب العقائد، مع بعض الحذر، فإنّ لبعض الحنابلة في ذلك شططا في مسائل، فإن جاء على تفسير الأحكام فمظنون أنّ حظّ مذهبه فيه أكثر، وتحريره له أظهر، وقد لا يأتي على ذكر مذهب مخالفه أصلا.
قابله بمفسّر من أهل زمانه: شيوخه في العقائد أشعريّة، ومذهبه في