للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفقه شافعيّ، مع اطّلاع حسن على المأثور، وتمكّن في العربيّة

وفنونها، فهذا يفارق الحنبليّ بالحاجة إلى مزيد احتياط فيما يقوله في تفسير نصوص العقائد، فإنّ الأشعريّة أهل كلام، ومذاهبهم في الصّفات مخالفة للأثر، خارجة عن المنهج المعتبر، لكنّك تجد من البيان بأساليب المعاني والبيان فيما يضمّنه أحدهم تفسيره للقرآن، ما لا ينقضي من حسنه العجب.

فإذا تيقّظت لهذا فلا عليك بعده أن تنتفع بما وقع لك من تلك الكتب، فالمظنّة في أصحابها أنّهم أئمّة المسلمين، قصدوا إلى الصّواب ونصح الأمّة، فسعيهم مشكور، وخطؤهم مغفور، لا يحسن بالعاقل الإعراض عن علم أحدهم لخطأ أخطأه قد بان وظهر.

وقد صحّ عن معاذ بن جبل، رضي الله عنه، قال: «أحذّركم زيغة الحكيم، فإنّ الشّيطان قد يقول كلمة الضّلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحقّ»، فقال له رجل من أصحابه: ما يدريني- رحمك الله- أنّ الحكيم قد يقول كلمة الضّلالة، وأنّ المنافق قد يقول كلمة الحقّ؟ قال: «بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات (وفي لفظ: المشتبهات) الّتي يقال لها: ما هذه! ولا يثنينّك ذلك عنه، فإنّه لعلّه أن يراجع، وتلقّ الحقّ إذا سمعته؛ فإنّ على الحقّ نورا» (١).

قال البيهقيّ: «فأخبر معاذ بن جبل أنّ زيغة الحكيم لا توجب


(١) أثر صحيح. أخرجه أبو داود (رقم: ٤٦١١) والبيهقيّ (١٠/ ٢١٠) وغيرهما بإسناد صحيح.

<<  <   >  >>