الله يرانا ويسمعنا ويعلم حالنا، وما ذلك إلّا بما نفهمه من معنى السّمع والبصر والعلم ممّا أخبرنا به عن نفسه، لكن لا ندري كيف.
وهذا الاعتقاد قد جمع بين الإثبات والتّنزيه.
وهو الحقّ من هذه المسالك، فإنّ أصحابه لم يزيدوا في تفسير النّصوص بآرائهم، وهذا هو الموافق للسّنّة، والصّنفان الأوّلان ليسا على السّنّة ولا طريق الجماعة الأولى أئمّة الإسلام: كأبي حنيفة ومالك وسفيان الثّوريّ والشّافعيّ وعبد الله بن المبارك، وسفيان بن عيينة، وأحمد بن حنبل، والحميديّ، والبخاريّ، وإخوانهم، فإنّهم أدركوا البدع في هذا الباب وردّوها بالوقوف عند الخبر، وترك مجاوزته بالنّظر، وطريقهم هو الأسلم والأعلم والأحكم.
وعليه: فأكثر المفسّرين ممّن وقعوا في التّأويل للصّفات من الأمثلة الأربعة المذكورة، ومن سواهم ممّن سلك هذا السّبيل، سلكوا منهج المتكلّمين من الأشعريّة، إذ كان هو المنهج السّائد في مدارس التّلقّي في أزمنتهم، ولم يزل إلى يومنا هذا في كثير من المدارس الإسلاميّة، ومع قصد أتباعه إلى نصر السّنّة، لكنّهم وقعوا في موافقة
المعتزلة وغيرهم من أهل البدع في كثير من الأصول، فطريقهم في هذا ليس السّنّة، ولا منهج الجماعة، وهم يقرّون بالتّفريق بين منهج السّلف ومنهج الخلف في هذا، فالله يغفر لهم، فقد قصدوا الإحسان، والله تعالى يقول: ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التّوبة: ٩١].