إحدى العينين، فدلّ على أنّ لله عينين)، وهذا تجوّز ظاهر، فإنّ اللّغة إنّما عرّفت ذلك في المخلوق، وتفسير صفة الخالق بصفة المخلوق تشبيه، والله تعالى لا مثل له يقاس به.
[٢] وصنف خافوا من إثبات الظّاهر؛ لأنّهم ظنّوا بينه وبين التّشبيه تلازما، فهرعوا إلى تفسير الصّفة بشيء من لازمها، ففسّروا مثلا اليد بالنّعمة والقدرة، وقالوا: تعبير القرآن مجاز لا حقيقة، وخاضوا في ذلك خوضا عجيبا واضطربوا، وما استقرّوا فيه على قدم، وآفة ذلك دخلت عليهم من جهة ما حسبوه تشبيها بإثبات الظّاهر، ومن جهة
التّأثّر بإلزامات الطّوائف الخارجة عن السّنّة كالمعتزلة، مع أنّهم بطريقتهم لم ينفكّوا عن تلك الإلزامات على أيّ حال، ومن جهة ثالثة: ما تركوا به منهج الأئمّة الأوّلين، والّذين كانوا أعلم بالله ممّن بعدهم.
[٣] والصّنف الثّالث، طائفة قالوا: نثبت ما أثبته الله تعالى لنفسه على الوجه الّذي أراد، لا نفسّره ولا نزيد، مع اعتقاد التّنزيه عن مشابهة الخلق، وظاهر الألفاظ عندهم مراد لكن على ما يعلم الله منها،
قالوا: ولا فرق بين أن نؤمن أنّ الله تعالى حيّ سميع بصير، وأنّ له يدين، وأنّه استوى على العرش، وأنّه يحيي ويميت ويرضى ويغضب ويتكلّم، فهذه وغيرها ممّا نسبه الله لنفسه ونسبه إليه رسوله صلى الله عليه وسلم ممّا حجب الله عنّا كيف يكون.
وليس بين هذا وبين إدراك معاني هذه الألفاظ ودلالاتها في اللّسان إشكال، فنحن نجأر إلى الله بالدّعاء والتّسبيح والذّكر، ونعلم بلا ريبة أنّ