ومنها: أن يكون بين الجملتين ارتباط، لكن منع من الوصل مانع، مثل قوله تعالى: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [البقرة: ١٤ - ١٥]، فلو وصلت جملة اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ لكانت معطوفة على قول المنافقين: إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ.
[٨] ملاحظة الاستئناف:
وهو الكلام المنقطع عمّا قبله في السّياق، كقوله تعالى: وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً لَعَنَهُ اللَّهُ [النّساء: ١١٧ - ١١٨].
وقد تدخل عليه الواو، كقوله تعالى: لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ، فجملة وَنُقِرُّ مستأنفة، والواو للاستئناف.
وقد تدخل كذلك الفاء، ويقال فيها ما يقال في الواو، كقوله تعالى: فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ* [البقرة: ١١٧]، فجملة فَيَكُونُ* استئنافيّة.
[٩] رعاية مواقع الإيجاز ومواقع الإطناب:
عن الرّبيع بن سليمان، قال: قال رجل للشّافعيّ: يا أبا عبد الله، ما البلاغة؟ قال:«البلاغة أن تبلغ إلى دقيق المعاني بجليل القول» قال:
فما الإطناب؟ قال:«البسط ليسير المعاني في فنون الخطاب»، قال:
فأيّما أحسن عندك: الإيجاز أم الإسهاب؟ قال: «لكلّ من المعنيين منزلة، فمنزلة الإيجاز عند التّفهّم في منزلة الإسهاب عند الموعظة، ألا ترى أنّ الله تعالى إذا احتجّ في كلامه كيف يوجز، وإذا وعظ كيف يطنب، في مثل قوله محتجّا: لَوْ