للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك حكت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما من حال الصّحابة:

فعن عبد الله بن عروة بن الزّبير، قال: قلت لجدّتي أسماء: كيف كان يصنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرءوا القرآن؟ قالت: «كانوا كما نعتهم الله عزّ وجلّ: تدمع أعينهم وتقشعرّ جلودهم»، قلت: فإنّ ناسا هاهنا إذا سمعوا ذلك تأخذهم عليه غشية، فقالت: «أعوذ بالله من الشّيطان» (١).

وفي هذا إنكار من أسماء أن يبلغ الخشوع بصاحبه إلى الغشيان، وإنّما ذلك بالقشعريرة ودمع العين، كذلك كان حال النّبيّ صلى الله عليه وسلم وحال أصحابه، ولا يعرف ذلك الغشيان فيهم، ولا يثبت عن أحد منهم أنّه كان يصعق عند القرآن، إنّما ذكر ذلك عمّن بعدهم، وهدي النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه أحسن الهدي وأكمله.

وما يروى في تكلّف البكاء فلا يصحّ، كحديث: «إنّ هذا القرآن نزل بحزن، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا» (٢).


(١) أثر صحيح. أخرجه سعيد بن منصور في «فضائل القرآن» من «سننه» (رقم: ٩٥) قال: حدّثنا هشيم، قال: حدّثنا حصين، عن عبد الله بن عروة، به.
قلت: إسناده صحيح، هشيم هو ابن بشير، وحصين هو ابن عبد الرّحمن.
(٢) أخرجه ابن ماجة (رقم: ١٣٣٧، ٤١٩٦) وأبو يعلى (٢/ رقم: ٦٨٩) والبيهقيّ في «السّنن» (١٠/ ٢٣١) من طرق عن الوليد بن مسلم، حدّثنا أبو رافع، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الرّحمن بن السّائب، قال:
قدم علينا سعد بن أبي وقّاص وقد كفّ بصره، فسلّمت عليه، فقال: من أنت؟
فأخبرته، فقال: مرحبا بابن أخي، بلغني أنّك حسن الصّوت بالقرآن، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، فذكره، وزاد: «وتغنّوا به، فمن لم يتغنّ به فليس منّا».
قلت: إسناده ضعيف، أبو رافع اسمه إسماعيل بن رافع، ضعيف منكر الحديث.

<<  <   >  >>