للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقديم الكتاب في التّبليغ، فإذا كان الكافر مقصودا برسالة الإسلام فلا ينبغي أن يحال بينه وبين الأسباب الّتي تمكّنه من الوصول إليها، والّتي تعدّ المصاحف من جملتها.

لكنّ الإذن بذلك مشروط بشرطين:

الأوّل: أن يغلب على الظّنّ عدم تعرّض الكافر للمصحف بالإهانة.

والثّاني: أن يمكّن من المصحف على سبيل الإعارة المؤقّتة بمدّة تكفيه للاطّلاع عليه، لا التّمليك بالإهداء وشبهه.

والعلّة في عدم التّمليك: أنّ الرّخصة إنّما وقعت لأجل مصلحة

التّبليغ، وهي تتمّ بذلك، ولأنّ إقامته على الكفر لا نضمن معها أن يتعرّض المصحف للإهانة منه أو من غيره.

فإن قيل: فكيف نوفّق بين هذا وحديث: «لا يمسّ القرآن إلّا طاهر»؟

قلت: المعنى فيه ما نخشى أن يتعدّى منه بسبب نجاسة الاعتقاد ممّا ينافي تعظيم القرآن، فحيث اشترطنا الأمن من ذلك فقد زال المحذور.

ولا يخرج عن الشّرطين المذكورين ما جاء عن علقمة بن قيس النّخعيّ: أنّه أراد أن يتّخذ مصحفا، فأعطاه نصرانيّا فكتبه له (١).


(١) أثر صحيح. أخرجه أبو عبيد في «الفضائل» (ص: ٤٠١) وابن أبي داود في «المصاحف» (ص: ١٣٣) من طرق عن شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح من أصحّ الأسانيد.

<<  <   >  >>