مجلس آخر، فيكون الواقع الإعلام أولا، ثم رأى ابن زيد الأذان فشرعه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك إما بوحي، وإما باجتهاده على مذهب الجمهور، وليس هو عملا بمجرد المنام، هذا ما لا شك فيه انتهى، وفي هذا كله ذهول عن قول عمر: لقد رأيت مثل ما رأى، ولكنه سبقني، ويحمل قوله: ألا تناودن إلى الصلاة على الأذان الشرعي؛ لأنه قال مثل ما رأى عبد الله، وعبد الله رأى الأذان مفصلا، وأخبر به كذلك، ولأنه قد وافقهما على رؤياهما سبعة من الصحابة في تلك الليلة أيضا حكاه صاحب المبسوط، وفي كتاب الغزالي فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بضعة عشر رجلا من الصحابة قد رأى كلهم مثل ذلك، ولأنا قد قدمنا في صحيح أبي عوانة فأذن بالصلاة؛ ولأنه لا خلاف أنهم كانوا قبل ذلك يؤذنون بها، بقولهم: الصلاة جامعة، ذكره ابن سعد، عن ابن المسيب، أو بقولهم: الصلاة الصلاة كما قدمنا، وفي قوله: قم يا بلال حجة لمشروعية الأذان قائما، وأنه لا يجوز الأذان قاعدا، وهو مذهب العلماء كافة إلا أبا ثور، فإنه جوزه، ووافقه أبو الفرج المالكي فيما ذكره أبو الفضل، واستضعفه النووي لوجهين:
أحدهما: المراد بالنداء هنا الإعلام.
الثاني: المراد قم واذهب إلى موضع بارز فناد فيه بالصلاة، وليس فيه تعرض للقيام في حال الأذان، قال: ومذهبنا المشهور أنه سنة فلو أذن قاعدا بغير عذر صح أذانه لكن فاتته الفضيلة، ولم يثبت في اشتراط القيام شيء، وفي كتاب الإشراف: أجمع كل من يحفظ عنه العلم: أن من السنة أن يؤذن المؤذن قائما، وروينا عن أبي زيد الصحابي، وكانت رجله أصيبت في سبيل الله أنه أذن وهو قاعد. وفي كتاب أبي الشيخ، عن عبد الجبار بن وائل بن حجر، عن أبيه قال: حق وسنة مسنونة ألا يؤذن إلا وهو قائم طاهر، وقول الصحابي: وهو من السنة