للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هين عليه، قال ابن الأنباري في الكتاب الزاهر: قال أبو العباس: وقال النحويون - يعني الكسائي، والفراء، وهشاما - الله أكبر معناه: أكبر من كل شيء، فحذفت من؛ لأن أفعل خبر كما تقول: أبوك أفضل، وأخوك أعقل. فمعناه: أفضل، وأعقل من غيره، واحتجوا بقول الشاعر:

إذا ما ستور البيت أرخين لم يكن … سراج لنا إلا ووجهك أنور

.

أراد: أنور من غيره. وقال معين بن أوس:

فما بلغت كف امرئ متناول بها … المجد إلا حيث ما نلت أطول

ولا بلغ المهدون في القول مدحة ولو … صدقوا إلا الذي فيك أفضل

.

أراد: أفضل من قولهم. قال: وأجاز أبو العباس: الله أكبر، الله أكبر، واحتج بأن الأذان سمع وقفا لا إعراب فيه لقولهم: حي على الصلاة حي على الفلاح، ولم يسمع على الصلاة والفلاح فكان الأصل فيه: الله أكبر بتسكين الراء، فألقوا على الراء فتحة الألف من اسم الله تعالى، وانفتحت الراء، وسقطت الألف، كما قال تعالى: {الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}. كان الأصل فيه - والله أعلم -: الم الله، بتسكين الميم، فألقيت فتحة الألف على الميم، وسقطت الألف قال: وسمعت أبا العباس يقول: (من) تحذف في مواضع الأخبار، ولا تحذف في مواضع الأسماء، من قال: أخوك أفضل لم يقل: إن أفضل أخوك. وإنما حذفت في مواضع الأخبار؛ لأن الخبر يدل على أشياء غير موجودة في اللفظ، واعترض أبو إسحاق الزجاجي على أبي بكر بأن هذا الذي حكاه عن ثعلب غير صحيح، واعتلاله غير مستقيم، وذكر كلاما طويلا أغفل فيه التنبيه على البيتين الأخيرين، وأنهما ليسا في ديوان معن، وإنما هما ثابتان في ديوان الخنساء تمدح أخاها في غير ما نسخة، حتى لقد استشهد العلماء بذلك في كلامهم، قال ابن معط في كتاب البديع المنظوم تصنيفه: براعة الاستهلال: أن تبتدئ بما يدل على المقصود بالنظم أولا، كما قالت الخنساء تطري أخاها:

ولا مدحة إلا وذا المدح أجمل

.

<<  <  ج: ص:  >  >>