عهده - عليه السلام - يقولون هذا، ويقرون به في الظاهر فيصير لهم حكم المسلمين، ويبطنون خلافه، وأما الرسول فمعناه في اللغة: الذي يتابع أخبار الذي بعثه، أخذ من قول العرب: قد جاءت الإبل رسلا. إذا جاءت متتابعة، قال الأعشى:
يسقي ديارا لنا قد أصبحت غرضا … زورا أجنف عنها القود والرسل
.
القود: الخيل، والرسل: الإبل المتتابعة، ويقال في تثنيته: رسولان، وفي جمعه: رسل. ومن العرب من يوحده في موضع التثنية، والجمع فيقول: الرجلان رسولك، والرجال رسولك. قال الله تعالى:{إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ} وفي موضع آخر: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فالأول خرج الكلام فيه على الظاهر؛ لأنه إخبار عن موسى وهارون - عليهما السلام - والثاني قال يونس: وأبو عبيدة: وحده لأنه في معنى الرسالة، كأنه قال: إنا رسالة رب العالمين. واحتج يونس بقول الشاعر:
فأبلغ أبا بكر رسولا سريعة … فما لك يا ابن الحضرمي وما ليا
.
وبقول الآخر:
ألا من مبلغ عني خفافا … رسولا بيت أهلك منتهاها
.
أراد رسالة سريعة. واحتج أبو عبيدة بقول الشاعر:
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم … بسر ولا أرسلتهم برسول
.
وقال الفراء: إنما وحد لأنه اكتفى بالرسول من الرسولين، واحتج بقول الشاعر:
ألكني إليها وخير الرسول … أعلمهم بنواحي الخبر
.
أراد: وخبر الرسل. فاكتفى بالواحد من الجمع، قال أبو بكر: وفصحاء العرب - أهل الحجاز ومن والاهم - يقولون: أشهد أن محمدا رسول الله. وجماعة من العرب يبدلون من الألف عينا فيقولون: أشهد عن محمدا رسول الله. قال أبو بكر: أنشد أبو العباس قال: أنشدنا الزبير بن بكار:
قال الوشاة لهند عن تصارمنا … ولست أنسى هوى هند وتنساني