للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قيس بن الملوح المجنون:

أيا شبه ليلى لا تراعي فإنني … لك اليوم من وحشية لصديق

فعيناك عيناها وجيدك جيدها … سوى عن عظم الساق منك دقيق

.

أراد: سوى أن. فأبدل من الألف عينا، وقال أيضا:

فما هجرتك النفس يا ليلى عن قلى … قلته ولا عن قل منك نصيبها

أتضرب ليلى عن ألم بأرضها … وما ذنب ليلى عن طوى الأرض ذيبها

.

قال أبو بكر: وفي قولهم: أشهد أن محمدا رسول الله. ثلاثة أوجه؛ الوجه المجتمع عليه: أن محمدا، ويجوز: إن محمدا لرسول الله، وإن محمدا رسول الله، على معنى أقول: ولا يجوز أن تبدل من الألف إذا انكسرت عينا، إنما يفعل ذلك بها إذا انفتحت، قال أبو إسحاق الزجاجي: ليس ما ذكره في اشتقاق الرسول صحيحا، ولو كان كذلك ما جاز لهم في أول مجيئه إليهم أن يقول: إني رسول الله إليكم؛ لأنه لم يتابع إليهم بعد بإخبار، ولا يدرى ما يكون بعد، بل كان لا يقع عليه في الحال الأولى اسم رسول، ولا تجب له حجة على تأويله هذا، ولكان من أرسل إنسانا في حاجة واحدة إلى آخر لم ينفذه قط في غيرها لم يجز للمرسل أن يقول لصاحبه المنفذ إليه: إني رسول فلان إليك. وهذا غلط بين، يدفعه استعمال الكافة ذلك غير منكرين له، وإنما الرسول بمعنى المرسل المنفذ، من أرسلت أي: أنفذت، وبعثت، وكذلك قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى} وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} ولذلك قيل في معناه: مبعوث، وإنما غلط أبو بكر؛ لأنه رآه على فعول فتوهمه مما جاء على فعول للمبالغة، ولا يكون ذلك إلا لتكرار الفعل: نحو ضروب، وشبهه من الأسماء المبنية من الأفعال للمبالغة، وليس كذلك، وإنما هو اسم لغير تكثير الفعل بمنزلة عمود، وعتود، وعجوز، فهو وإن كان مشتقا، فإنه يجري مجرى الأسماء المحضة في الاستعمال، والدليل على صحة ما قلنا: قول سيبويه وجميع النحويون من البصريين والكوفيين: أزيد أتت إليه رسول؟ قالوا: برفع زيد؛ لأن رسولا اسم لا يجري مجرى الفعل، فكأنك قلت: أزيد أتت له عجوز؟ ولو كان من تلك الأسماء الجارية مجرى الفعل للمبالغة لنصبت وأزيدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>