في سنة ثنتين وثمانين، وأتقن بنيانه، ثم لم يبلغنا أن أحدا غير منه شيئا، ولا أحدث فيه عملا.
وفي كتاب أخبار المدينة لأبي زيد بن شبة: أن العباس قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله ألا نبني لك مقصورة، حجابا يكلمك الناس من ورائه، يكف عنك ضغاطهم، وأذاهم؟ قال: لا بل أصبر لهم فضول قدمي، وبناني حتى يريحني الله منهم، قال ابن شهاب: فكان أول من عمل المقصورة معاوية، فأما التي في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - اليوم؛ فإن عمر بن عبد العزيز، عملها حين بنى المسجد بأمر الوليد، وكانت حين عملها مرتفعة عن الأرض ذراعين، فخفضها المهدي فهي على حالها إلى اليوم، وفي لفظ: أول من أحدث المقصورة مروان في عمل معاوية بحجارة منقوشة، وجعل فيها كوى، وفي لفظ: أول من عمل مقصورة بلبن عثمان بن عفان، وكانت فيها كوى ينظر الناس فيها إلى الإمام، وإن عمر بن عبد العزيز عملها بالساج، قال: والذي بلط حوالي المسجد بالحجارة معاوية، أمر بذاك مروان، وعمل له أسرابا ثلاثة تصد فيها مياه المطر، وأراد أن يبلط بقيع الزبير، فحال ابن الزبير بينه، وبين ذلك، وكان بين يدي المنبر مرمر، تطرح فيه طنفسة لعبد الله بن حسن بن حسن، فلما ولي حسن بن زيد المدينة في رمضان سنة خمسين ومائة؛ غير ذلك المرمر ووسعه من جوانبه كلها حتى ألحقه بالسواري على ما هو عليه اليوم، فلما قدم المهدي قال لمالك: إني أريد أن أعيد منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حاله التي كانت عليها، فقال مالك: إنه من طرفاء، وقد سمر إلى هذه العيدان، وشد فمتى نزعته، خفت أن ينهار، ويهلك فلا أرى أن تغيره، قال أبو زيد: فانصرف رأي المهدي، عن تغييره - والله أعلم -.
٤٦ - حدثنا محمد بن يحيى، ثنا أبو همام الدلال، ثنا سعيد بن السائب، عن محمد بن عبد الله بن عياض، عن عثمان بن أبي العاص: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يجعل مسجد الطائف حيث كان طاغيتهم.