الصحة أنه أعطاهما ذلك ثواب هبتهما إياه، فاعتقد رائي ذلك أنه ثمنه، وهذا هو الأليق بحاله - صلى الله عليه وسلم - ويبينه ما تقدم من قول ابن شهاب، وأما ارتجازه - صلى الله عليه وسلم - فذكر ابن التين: أن الرجز مختلف فيه هل هو شعر أم لا؟، قال: وقالوا: إنما هو كالكلام المسجع، وهى دائرة المشتبه سمي بذلك؛ لأنه يقع فيه ما يكون على ثلاثة أجزاء مأخوذ من البعير إذا شدت إحدى يديه فبقي على ثلاث قوائم، ويقال: بل هو مأخوذ من قولهم: ناقة رجزاء: إذا ارتعشت عند قيامها لضعف يلحقها، أو داء.
وفي الروض: يحتمل أن يكون من رجزت الحمل إذا عدلته.
قال ابن حبان: وهو شيء يعدل رجز حمل، وفي المحكم: الرجز اضطراب رجل البعير، إذا أراد القيام ساعة ثم ينبسط.
وقال أبو إسحاق: سمي بذلك؛ لأنه تتوالى في أوله حركة، وسكون، وقيل: لاضطراب أجزائه، وتقاربها، وقيل: هو صدور بلا أعجاز، فلما كان هذا الوزن فيه اضطراب سمي رجزا، تشبيها بذلك.
وفي الحديث: لما اجتمعت قريش في أمره - عليه السلام - وقالوا: نقول هو شاعر، فقال بعضهم: قد عرفنا الشعر كله: مقبوضه، ومبسوطه، ورجزه؛ فذكروا الرجز من جملة أنواع الشعر، وقد تقدم أيضا قول الزهري في ذلك، ولعل الملجئ له إلى ذلك؛ هروبه من إنشاد النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا منه، قال: فلو كان شعرا لما علمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ}، وما علم أن من أنشد القليل من الشعر متمثلا على جهة الندور لم يستحق اسم شاعر، ولا يقال فيه: إنه تعلم الشعر، ولا ينسب إليه، ولو كان كذلك للزم أن يقال: كل الناس شعراء؛ لأن كل فرد لا بد أن يتمثل بشعر، أو يتكلم به من غير قصد إذ الشعر لا يكون إلا عن قصد، والذي قاله الخليل هو الكلام الصحيح؛ لأن المنهوك عنده ليس بشعر، وهو الذي جرى على لسانه - عليه السلام -.
وأما الطاغية؛ فذكر أبو موسى المديني أنه ليس من الطواغيت يشبه أن يريد به من