الصواب: المدينة. وقوله: وما يعذبان في كبير، يحتمل معنيين، والذي يجب أن يحمل عليه منهما أنَّهما لا يعذبان في كبير إزالته أو دفعه أو الاحتراز عنه، وأنه سهل يسير على من يريد التوقي منه، ولا يراد بذلك أنه صغير من الذنوب؛ لأنه ورد في الصحيح: وإنه لكبير.
قال المازري: والنميمة تكون من الكبائر؛ فيحتمل على أنه يريد به في كبير علمهم تركه، وإن كان كبيرًا عند الله تعالى، ولا شك أن النميمة كبيرة.
قال: والمنهي عنه على ثلاثة أنحاء: منه ما يشق تركه على الطباع، كالملاذ المنهي عنها، ومنه ما ينبو عنه الطبع ولا يدعو إليه، كالنهي عن قتل نفسه وغيره، ومنه ما لا مشقة فيه على النفس في تركه، فهذا القسم مما يقال فيه: ليس بكبير على الإنسان تركه.
وقال عياض: قوله وما يعذبان في كبير أي كبير عندهم، كقوله تعالى:{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}، وسبب ذلك أن عدم النثرة من البول يلزم منه بطلان الصلاة، وتركها كبيرة.
وأما النميمة فقد تكون كبيرة، ولا سيما إذا تكررت، وبذلك أشعر قوله: كان يمشي بالنميمة.
وفي كتاب الإحياء للشيخ أبي حامد، رحمه الله تعالى: اعلم أن النميمة إنما تطلق في الأكثر على من ينم قول الغير إلى المقول فيه، كما تقول: فلان يتكلّم فيك بكذا، وليس النميمة مخصوصة بهذا، بل حدّ النميمة: كشف ما يكره كشفه، سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه، وسواء أكان ذلك بالكناية أو الرمز أو الإِيماء، فحقيقة النميمة إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه؛ فلو رآه يخبئ مالا لنفسه فذكره فهو نميمة، فكلّ من حملت إليه نميمة، وقيل له: فلان يقول فيك، أو يفعل فيك كذا، فعليه ستة أمور: