ابن عمرو قال: بينا نحن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببعض أعلى الوادي نريد أن نصلي قد قام، وقمنا إذ خرج حمار من شعب أبي دب، شعيب أبي موسى، فأمسك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يكبر، وأجرى إليه يعقوب بن زمعة حتى ردّه.
وفي كتاب الصلاة للدكيني: ثنا بشير بن مهاجر قال: رأيت أنسا وهو جالس في صلاته لم ينصرف، فجاء رجل يريد أن يمر بينه وبين السارية فأماطه.
وثنا جعفر بن برقان عن يزيد الفقير قال: كنت أصلي إلى جنب ابن عمر فلم أر رجلا أكره أن يمر بين يديه منه، وفي رواية صالح بن كيسان عنه: فلا يدع أحدا يمر بين يديه يبادر برده قال عياض رحمه الله تعالى: أجمعوا على أنّه لا يلزمه مقاتلته بالسلاح، ولا ما يؤدي إلى هلاكه، فإن دفعه بما يجوز فهلك من ذلك فلا قود عليه باتفاق العلماء، وهل تجب ديته أم لا؟ هذا فيه مذهبان للعلماء: وهما قولان في مذهب مالك، وفي كتاب ابن التين: قال ابن شعبان: عليه الدية كاملة في ماله، وقيل: الديّة على عاقلته، قال عياض: واتفقوا على أنه لا يجوز له المشي إليه من موضعه لرده، وإنّما يدافعه ويردّه من موقفه؛ لأنّ مفسدة المشي في صلاته أعظم من مروره من بعيد بين يديه، وإنّما أبيح له قدر ما يناله من موقفه، وإنّما يردّه إذا كان بعيدا منه بالإشارة والتسبيح، واتفقوا على أنه إذا مر لا يردّه لئلا يضيف مرورًا ثانيا إلا شيئا روي عن بعض السلف: أنَّه يردّه، واختلفوا إذا جاز بين يديه وأدركه هل يرده أم لا؟ فقال ابن مسعود: يرده، ويروى ذلك عن سالم والحسن، وقال أشهب: يردّه بإشارة، ولا يمشي إليه؛ لأن مشيه أشد من مروره بين يديه، فإن مشى إليه ورده لم تفسد صلاته، وزعم ابن العربي أنّ بعض الناس غلط فقال: إذا صلى إلى غير سترة فلا يدع أحدًا يمر بين يديه بمقدار رمية سهم، وقيل: رمية حجر، وقيل: رمية رمح، وقيل: بمقدار المطاعنة، وقيل: بمقدار المضاربة بالسيف،