وتبين له أمر داود هذا، بأنه داود بن عبد الله الزعافري الأزدي أبو العلاء الكوفي، روى عنه جماعة، ووثقه الإِمام أحمد وغيره، وهو غير عم ابن إدريس فيما ذكره الإمام أحمد.
ولما ذكره أبو داود في كتاب التفرد قال: الذي تفرد به من هذا الحديث قوله: نهى أن تغتسل المرأة من فضل الرجل.
قال ابن مفوز: فلا أدري رجع عن قوله أم لا؟
ولما ذكره البيهقي في كتاب المعرفة، قال: هو منقطع، وداود بن عبد الله ينفرد به.
وقال في السنن الكبير: رواته ثقات إلَّا أن حميدًا لم يسم الصحابي الذي حدّثه، فهو بمعنى المرسل، إلا أنه مرسل جيّد، لولا مخالفته الأحاديث الثابتة الموصولة قبله، وداود لم يحتج به الشيخان. انتهى. وعليه فيه مآخذ:
الأول: قوله: إنه بمعنى المرسل إن أراد أنه يشبهه في أنّه لم يسم الصحابي فصحيح، لكنه لا يمنع خصمه من الاحتجاج، وإنما إلى أنّه لا حاجة إلى تسمية الصحابي بعد أن يحكم التابعي بكونه صحابيًا، وإن أراد أنه في معناه من أنه لا يحتج به قوم كما لا يحتجون بمرسل التابعي، فغير صحيح لما تقدم.
الثاني: قوله: مرسل جيّد، غير جيّد، بل هو مسند على الصحيح من قول العلماء.
الثالث: قوله: لولا مخالفة الأحاديث الثابتة. يعني بذلك ما تقدّم، فليس بجيّد أيضًا لأمرين:
الأول: شأن المحدّث الإعراض عن المعارضة كما قررناه في غير موضع.
الثاني: على تقدير تسليمنا ذلك، يجاب عنه بأنه لا بأس أن يتوضأا، أو يغتسلا جميعًا من إناء واحد، يتنازعاه على حديث عائشة، وميمونة، وأنس، وابن عمر، وأم هانئ، وأم سلمة، وأم حبيبة، وغيرهن، وعلى أنه لا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة على حديث الحكم، ولأن الأحاديث التي وردت بعد في الكراهة عن الصحابة والتابعين، لم يكن في شيء منها أنَّ الكراهة في ذلك للرجل أن يتطهر بفضل وضوء المرأة، ولتلك