الحديث، وكلام أبي الحسن يفهم منه أنّ أبا غطفان الراوي، عن ابن عباس وأبي هريرة واحد، وذاك هو الملجئ له إلى نقل كلام من وثقه، وليس هو بأبي عذرة ذلك، فقد قاله قبله ابن أبي حاتم وأبو عمر وغيرهما.
وأما الحافظ أبو بكر البزار فإنه فرق بينهما، وزعم أن المري روى عن أبي هريرة، وأبا غطفان عن ابن عباس، ويرجح ذلك قول ابن معين: أبو غطفان الذي روى عنه داود بن حصين ثقة. فيحتمل أن عبد الحق لما رأى ذلك وما أسلفناه ورأى حديثه مخالفا لحديث غيره من الثقات - توهمه المجهول لا الموثق، والله أعلم.
ولما خرجه أبو نعيم من حديث الربيع بن بدر، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: تمضمضوا واستنشقوا، والأذنان من الرأس. قال: هذا غريب من حديث ابن جريج في المضمضة والاستنشاق، ولا أعلم رواه عنه إلا الربيع.
١٤٢ - حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا زيد بن الحباب وداود بن عبد الله، ثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي هريرة، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من توضأ فليستنثر، ومن استجمر فليَوتر.
هذا حديث اتفقا على تخريجه، وفي الباب من الفقه أن الاستنشاق في الوضوء غير واجب، إذ لو كان فرضًا لكان على الصائم كهو على المفطر، وهذه مسألة اختلف فيها: فكان عطاء، والزهري، وابن أبي ليلى، وحماد، وإسحاق، يقولون: يعيد إذا تركها في الوضوء.
وقال الحسن، وعطاء آخر قوليه، والزهري، والحكم، وقتادة، وربيعة، ويحيى الأنصاري، ومالك، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشّافعي: لا يعيد. وقال أحمد: يعيد في الاستنشاق خاصة، ولا يعيد من ترك المضمضة، وبه قال أبو عبيد وأبو ثور.
وقال أبو حنيفة والثوري: يعيد إن تركها في الجنابة، ولا يعيد في الوضوء.
قال ابن المنذر: بقول أحمد أقول، وفي المحلى لأبي محمد، وذكر قول