وكان الحسن بن حي يقول: يبدأ بمؤخر رأسه، ورُوي عن ابن عمر أنه كان يبدأ من وسط رأسه، ولا يصح، فأما قول الحسن فموجود في حديث الربيع الدائر على ابن عقيل.
وأصح حديث في هذا الباب حديث ابن زيد، واختلف الفقهاء في مسح بعض الرأس، فقال مالك: الفرض مسح جميعه، وإن ترك شيئًا منه كان كمن ترك غسل شيء من وجهه، وهو قول ابن علية.
قال ابن علية: قد أمر الله أن يمسح الرأس في الوضوء، كما أمر أن يمسح الوجه في التيمم، وأمر بغسله في الوضوء، وقد أجمعوا على أن الوجه يمسح كله، ولم يقل أحد: إن مسح بعضه سنة، وبعضه فريضة، فلما أجمعوا على أن ليس مسح بعضه سنة كان مسح كله فريضة.
واحتج إسماعيل وغيره من المالكية بقول الله تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، وقد أجمعوا على أنه لا يجوز الطواف ببعضه، فكذا مسح الرأس.
وقوله تعالى:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}، معناه امسحوا رءوسكم، ومَنْ مسح بعض رأسه فلم يمسح رأسه، ومن الحجة أيضًا لهم أن الفرائض لا تؤدى إلا بيقين، واليقين ما أجمعوا عليه من مسح جميع الرأس، هذا هو المشهور من مذهب مالك، ولكن أصحابه اختلفوا في ذلك، فقال أشهب: يجوز مسح بعض الرأس، وقال غيره: الثلث فصاعدًا، وأما الشافعي فقال: الفرض مسح بعض الرأس، ولم يحد، وهو قول الطبري، وقد رُوي عنهما: إنْ مسح ثلث الرأس فصاعدًا أجزأه.
قال الشافعي: احتمل قول الله عز وجل: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} بعض الرأس، ومسح جميعه، فدلت السنة أن مَسح بعضه يجزئ. وقال في موضع: فإن قيل: فقد قال الله تعالى في التيمم: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ}، أيجزئ بعض الوجه في التيمم؟ قيل له: مسح التيمم في الوجه بدلّ عن عموم غسله، ولا بُدّ أن يأتي بالمسح على جميع موضع الغسل منه، ومسح الرأس أصل، فهذا فرق ما بينهما.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن مسح المتوضئ ربع رأسه أجزأه، ويبدأ بمقدم رأسه إلى مؤخره، قال