والدليل على فساد ما ذهبوا إليه أنّ الأخبار تواترت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحكى قوم وضوءه، وروى قوم أمره، وروى قوم الوعيد في ترك غسل الأعقاب، وأمّا ما ذهبوا إليه من أنّ هذه أخبار آحاد فلا نقبلها ولا نعمل بها فيجاب بأنّ هذا ليس بآحاد؛ لأنّ بمجموعها تواتر معناها، وأما قراءة من قرأ: وأرجلكم بالخفض، فمعارضة بمن نصبها، وهو نافع وابن عامر وعلي بن حمزة، وهو أحد الروايتين عن عاصم، فلا حجة إذا لوجود المعارضة، فإن قيل: نحن نحمل قراءة النصب على أنّها منصوبة على المحل؛ لأن محل الرأس النصب، وإنّما انخفض بدخول الباء، فيكون نصب الأرجل على العطف على المحل، وإذا حملناه على ذلك لم يكن بينهما تعارض، بل يكون معناهما المسح وإن اختلف اللفظ فيهما، ومتى أمكن الجمع لم يجز الحمل على التعارض والاختلاف، والدليل على جواز العطف على المحل قوله تبارك وتعالى:{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}، وقول الشاعر:
ألا حي ندماني عُمَير بن عامرٍ إذا … ما تلاقينا من اليوم أو غدًا