والسلام في دار بسرة بنت صفوان رضي الله عنها. وأما ما قاله الحافظ ابن سرور: من أنها خالة مروان فشيء لم أره لغيره، وأيضًا فقد أسلفنا أنه أخذ عنها هذا الحديث نفسه، وحدث به عنها بغير واسطة كما سبق، فدل أنها عنده أهل وموضع للرواية، لا كما زعم، لا سيما عمله بما روته له ورجوعه إليه بعد إنكاره ذلك.
الثاني: قوله: إن هشامًا لم يسمعه من أبيه، ولعمري لقد قال ذلك قبله شعبة، فيما حكاه عنه الإمام أحمد في تاريخه الذي رواه عن ابنه أبو بكر الحضرمي: قال شعبة: لم يسمع هشام حديث مس الذكر من أبيه، قال يحيى: فسألت هشامًا، فقال: أخبرني أبي، ثم رواه في مسنده أخبرني يحيى، عن هشام قال: حدثني أبي أن بُسرة أخبرته .. فذكر الحديث.
وقد أسلفنا قول ابن المديني في ذلك أيضًا، ويشبه أن يكون مستند من قال ذلك رواية داود العطار عنه، ووهم في ذلك، وقال الحاكم أبو عبد الله: وروى داود العطار، عن هشام، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة حديث بسرة، وهو واهم. وقال في موضع آخر: ما روي من وجه يعتمد.
وفيما قاله نظر؛ لما رواه أبو القاسم في الأوسط: عن علي بن عبد العزيز، عن حجاج بن منهال، عن همام بن يحيى، عن هشام، عن عبد الله بن أبي بكر به، وهؤلاء كلّهم ثقات، ويحمل ذلك على أنه سمعه منه أولًا، ثم شافهه به آخرا لصحة الروايتين عنه بذلك، ولئن كان ما قاله أبو جعفر صحيحًا فلا وجه لإعلال الحديث به؛ لأن عبد الله ممن خرج الشيخان حديثه في صحيحيهما.
وقال مالك النجم فيه: كان رجل صدق.
وقال أحمد بن حنبل: حديثه شفاء.
وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث عالمًا، ووثقه ابن معين وأبو حاتم الرازي وابن حبان والعجلي والبرقي وغيرهم، فعلى هذا يتأول ما نقله عن ابن عيينة، وأنه ليس بطعن يردّ به حديثه