الماء، واتخذوا مكانها مسجدا، قلنا: يا رسول الله، البلد بعيد، والماء ينشف، قال: فأمدوه من الماء، فإنّه لا يزيده إلا طيبا، فخرجنا، فتشاححنا على حمل الإداوة، أيّنا يحملها، فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك نوبا، لكل رجل يوما وليلة، فخرجنا بها، حتى قدمنا بلدنا، فعلمنا الذي أمرنا، وراهب ذلك القوم رجل من طيء فنادينا بالصلاة، فقال الراهب: دعوة حق، ثم ذهب فلم ير بعد.
قال أبو حاتم: في هذا الخبر بيان واضح أن طلقا رجع إلى بلده بعد القدْمة التي ذكرنا، قال: ثم لا يُعلم له رجوع إلى المدينة بعد ذلك، فمن ادعّى رجوعه بعد ذلك فعليه أن يأتي ببينة مصرحة، ولا سبيل له إلى ذلك.
وبنحوه قاله البيهقي والبغوي في شرح السنة، وفيه نظر لما ذكره أبو القاسم الطبراني: نا الحسن بن علي الفسوي، ثنا حماد بن محمد الحنفي، نا أيوب بن عتبة، عن قيس بن طلق، عن أبيه طلق، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: من مس فرجه فليتوضأ.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن أيوب بن عتبة إلا حماد بن محمد، وهما عندي صحيحان، يشبه أن يكون سمع الحديث الأوّل من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل هذا، ثم سمع هذا بعد، فوافق حديث بسرة وغيرها، فسمع الناسخ والمنسوخ، انتهى.
وفيه إشعار برجوعه مرة أخرى، فإن الإيجاب وعدمه لا يتأتى في أيام قليلة غالبا، لما قيل عنه، من أنّ مقامه بالمدينة كان قليلا، نص على ذلك الأئمة.
وأيضا فقد قيل: إن بسرة من مسلمة الفتح، وإذا كان كذلك كان حديثها ظاهرا في النسخ، ولا احتياج إلى حديث أبي هريرة لتقدّمها عليه، وممن قال ذلك: