إسماعيل بن سعيد الفقيه، والاحتياط في ذلك أبلغ، يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسناد صحيح، أنه: نهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه، أفلا ترون أن الذكر لا يشبه سائر الجسد، ولو كان ذلك بمنزلة الإِبهام والأنف والأذن وما هو منّا لكان لا بأس علينا أن نمسّه بأيماننا، فكيف يشبه الذكر بما وصفوا من الإبهام وغير ذلك؟! فلو كان شرعا سواء لكان سبيله في المسّ سبيل ما سمّينا، ولكن هاهنا علّة قد غابت عنا معرفتها، ولعل ذلك أن يكون عقوبة؛ لكي يترك الناس مس الذكر، فيصير من ذلك إلى الاحتياط، انتهى كلامه.
وفي استدلاله بحديث مسّ الذكر باليمين نظر؛ لإغفاله قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وهو يبول؛ لما فيه من الاستهانة باليمين وخشية الاستنجاء بها، والله أعلم.
وقال أبو محمد بن حزْم: خبر طلق صحيح إلا أنه لا حجة فيه لوجوه؛ أحدها: أنّ هذا الخبر موافق لما كان الناس عليه قبل ورود الأمر بالوضوء من مسّ الفرج، هذا ما لا شك فيه، وهو كذلك، فحكمه منسوخ يقينا، حين أمر - عليه السّلام - بالوضوء منه، ولا يحل ترك ما يتيقّن أنه ناسخ، والأخذ بما تيقّن أنّه منسوخ.
وثانيهما: أن كلامه - عليه السلام -: هل هو إلا بضعة منك؟! دليل على أنه كان قبل الأمر بالوضوء منه؛ لأنه لو كان بعده لم يقل - عليه السلام - هذا الكلام؛ بل كان يبيّن على أنّ الأمر بذلك قد نسخ، وقوله هذا يدل على أنه لم يكن سلف فيه حكم أصلا، وأنّه كسائر الأعضاء.
وقال الخطابي: وترك خبر طلق على أنه أراد اللمس، ودونه جائز، واستدلوا على ذلك برواية الثوري وشعبة وابن عيينة: أنّه سأله عن مسّه في الصلاة، والمصلي لا يمس فرجه من غير حائل بينه وبينه، انتهى.