وفي قوله: والمصلي لا يمس فرجه من غير حائل نظر؛ لما ذكره أبو عمر من حديث أبي الوليد الطيالسي، نا نافع بن عمر الجمحي، عن ابن أبي مليكة، عن عمر بن الخطاب: أنه صلى بالناس فأهوى بيده فأصاب فرجه فأشار إليهم كما أنتم، فخرج فتوضأ ثم رجع إليهم فأعاد.
وفي الإسرار: ومطلق اللمس: اسم للمس بلا حائل، وهذه المسألة وقعت في زمن عبد الملك بن مروان، فشاور الصحابة، فأجمع من بقي من الصحابة أنه لا وضوء فيها، وقالوا: لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبيّنا لقول امرأة، لا ندري أصدقت أم كذبت، يعْنُون بُسرة.
ومعنى قولهم: كتاب ربنا: بين الأحداث في كتابه، وكانت نجسة: من دم حيض ومني وغائط، وشرع الاستنجاء بالماء بقوله:{رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا}.
فكانوا يتبعون الحجارة بالماء والاستنجاء بالماء، لا يتصور إلا بمس الفرجين جميعا، فلما ثبت بالنص أنه من التطهير لم يجز أن يجعل حدثا بخبر غريب تعم به البلوى، فسقط على ما هو الأصل في خبر الواحد؛ ولأنه ورد بخلاف القياس، وقد ثبت من مذهب أبي هريرة ما يذكر أنه ليس بحديث، والراوي إذا ذهب إلى خلاف ما روى دل على زيافة الحديث ما عرف في موضعه.
قال أبو محمد بن حزْم: وقول من قال: تعظم به البلوى، ولو كان لما جهله ابن مسعود ولا غيره حماقة قد غاب عن جمهور الصحابة الغسل من الإيلاج الذي لا إنزال معه، وهو مما تكثر به البلوى.
وقد رأى أبو حنيفة الوضوء من الرعاف، وهو مما تكثر به البلوى، ولم يعلم ذلك جمهور العلماء، ورأى الوضوء من ملء الفم من القلس، ولم يره في أقل من