حديث جعفر. وقال: هذا أصح من الأول، وهو في ذلك كما قيل:
حمدت إلهي بعد عروة إذ نجا … خراش وبعض الشر أهون من بعض
لأن جعفر بن سليمان تكلّم فيه غير واحد، وإن كان مسلم قد خرج حديثه منفردا به، منهم سليمان بن حرب، وابن المديني، وابن سعد، وابن عدي، ويحيى بن سعيد وغيرهم، والله أعلم.
ولما ذكره البزار من جهة جعفر، قال: لا نعلم أحدا مشهورا رواه عن أنس إلا الجوني، وصدقة ليس عندهم بالحافظ، ولا نعلم رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلَّا أنس بن مالك.
الأصل في الفطرة: الفطر وهو: المصدر مفتوح الفاء، وهو الابتداء والاختراع، يقال: فطره الله تعالى، أي: ابتدأه واخترعه، وكذلك افتطر فيما ذكره الزمخشري في أساس البلاغة، قال ابن عباس: كنت لا أدري ما فاطر السماوات والأرض، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أي ابتدأتها، وهي لفظة تقال بالاشتراك على الخلقة والجبلة التي خلق الله تعالى الخلقَ عليها، وفي الحديث: كل مولود يولد على الفطرة، قيل: على نوع من الجبلة والطبع المنتهي لقبول الدين، فلو تُرك عليها لاستمر على لزومها وعلى معرفة الله - تعالى - والإقرار به، أي: يولد على ما كان أقر به لما خرج من ظهر آدم. حكى ذلك القزاز في تفسير غريب البخاري، وزعم أنّ الأول أولى الوجوه فيها.
وقال الخطابي: فسّره أكثر العلماء بالسنة، وقد جاء في صحيح البخاري من حديث ابن عمر مرفوعا: من السنة: قص الشارب، ونتف الإِبط، وتقليم الأظفار، وفي صحيح ابن حبان من حديث زيد بن أرقم مرفوعا: من السنة: قص الشارب، من لم يأخذ من شاربه فليس