النجاسة إذا ذهب الأثر عن الأرض، وروينا عن أبي قلابة، أنه قال: جفوف الأرض طهورها، وبالقول الأول أقول، وفي الأسرار: إذا أصابتها نجاسة فيبست وذهب أثرها جازت الصلاة عليها، وقال أبو سليمان رحمه الله تعالى: فيه دليل على أنّ الماء إذا ورد على النجاسة على سبيل المكاثرة والغلبة طهرها، وأن غُسالات النجاسة طاهرة ما لم يبن للنجاسة فيها لون أو ريح، ولو لم يكن ذلك الماء طاهرا لكان المصبوب منه على البول أكثر تنجيسا للمسجد من البول نفسه، فدلّ على طهارته، قال: وإذا أصابت الأرض نجاسة ومطرت مطرا عاما كان ذلك مطهرا لها، وكانت في معنى صبّ الذنوب وأكثر، والله أعلم.
وفي قوله:(إنّما بعثتم مبشرين) دليل على أن أمر الماء التيسير والسعة في إزالة النجاسات منه، والله أعلم.
وأما قوله: لا تزرموه أي: لا تقطعوا عليه، قال ابن دريد: الزرم: القطع، قال الشاعر:
فقلت لها تسعى من تحت لبتها … لا تحطمنك إن البيع قد زرما
وقال الجوهري: زرم البول بالكسر إذا انقطع، وكذلك كل شيء ولى، وأزرمه غيره، وفي الجامع: يقال: زرمه يزرمه زرما إذا قطعه، وكذا أزرمه إزراما: إذا فعل به ذلك، وزرم الشيء في نفسه إذا انقطع، وإذا انقطع بول الرجل قلت: زرم بوله، وأزرمه هو إذا قطعه، وقد ازرأم الرجل: إذا غضب، وازرأم الشيء إذا انقطع، وازرأم الشاعر ازرئماما إذا انقطع شعره، وازرأم إذا سكت، وازرأم إذا انقبض، ومنه قول الشاعر:
تمذي إذا امتحنت من قبل أدرعها … وتزرئم إذا ما مسه المطر