رواية حماد بن سلمة، عن عطاء، وحمّاد إنما سمع منه بعد اختلاطه، وإنما يقبل من حديث عطاء ما كان قبل أن يختلط، وأبو محمد يعتبر هذا من حاله، وإنما ينبغي أن يقبل من حديثه ما روى عنه مثل: شعبة، وسفيان.
فأمّا جرير، وخالد بن عبد الله، وابن عليّة، وعلي بن عاصم، وحمّاد بن سلمة، وبالجملة أهل البصرة، فأحاديثهم عنه ممّا سمع منه بعد الاختلاط؛ لأنه قدم عليهم في آخر عمره، وقد نصّ العقيلي عن حمّاد بن سلمة أنّه ممن سمع منه بعد اختلاطه، وأما أبو عوانة فسمع منه الحالين، ولماّ أورد أبو أحمد في كتابه ما أنكر عليه من الحديث، أو ما خلط فيه، أو ما روي عنه بعد اختلاطه، أورد في جملة ذلك هذا الحديث. . انتهى كلامه.
وفيه نظر في موضعين:
الأوّل: في قوله: إنّ حماد بن سلمة سمع منه بعد اختلاطه لما رويناه عن البغوي: أن ابن معين قال: كلّ شيء من حديث عطاء ضعيف إلا ما كان من حديث شعبة، وسفيان، وحماد بن سلمة.
فهذا ابن معين نصّ على ابن سلمة أنه سمع منه قديما، فهو صحيح.
الثاني: إن سلمنا له قوله؛ فقد وقع لنا هذا الحديث من غير رواية حماد، من طريق شعبة الذي نص على أنّه سمع منه قبل اختلاطه مطلقا، وفيه نظر؛ لأن يحيى بن سعيد قال: إنه سمع منه حديثين بعد اختلاطه عن زاذان، وإن كان شعبة بينهما، والطريق المشار إليها ذكرها أبو الحسن الدارقطني في علله إذ سئل عنها فقال: رواه عطاء عن زاذان حدّث به عنه ابن سلمة، وشعبة، وحفص بن عمر، ورواه عبد الله بن رشيد عن حفص بن غياث، عن الأعمش، وليث، عن زاذان، عن علي.