للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٣ - السماع]

يحسن بنا أن نعرف مفهوم السماع عند أبي علي قبل الحديث عن السماع في كتابه فلقد نقل عنه ابن جنى قوله "الفرض فيما ندونه في هذه الدواوين ونثبته في هذه القوانين، إنما ليلحق من ليس من أهل اللغة بأهلها ويستوي من ليس بفصيح ومن هو فصيح، فإذا ورد السماع بشيء لم يبق غرض مطلوب وعدل عن القياس إلى السماع (١).

فالقياس إذًا على كثرة وجوهه لا يغني عنده عن الظاهرة اللغوية التي تتمثل بالسماع، وفضل ابن جنى -وهو المعروف باتباعه الشديد لنهج أستاذه أبي علي- في أقوال له السماع على القياس إذ قال: "اعلم أن الشيء إذا أطرد في الاستعمال وشذ عن القياس فلا بد من اتباع السمع الوارد فيه نفسه. لكنه لا يتخذ أصلًا يقاس عليه غيره. فإن كان الشيء شاذًا في السماع مطردًا في القياس تحاميتَ ما تحامت العرب من ذلك وجريت في نظيره على الواجب في أمثاله" (٢) وقال في موضع آخر: "وإن شذ شيء في الاستعمال وقوى في القياس كان استعمال ما كثر استعماله أولى، وإن لم ينته قياسه إلى ما انتهى إليه استعماله" (٣).

فالسماع عند أبي علي ومن ثم عند تلامذته الذين نهجوا نهجه لا يقل


(١) المصنف ١/ ٢٧٨ - ٢٧٩.
(٢) الخصائص ١/ ٩٩.
(٣) الخصائص ١/ ١٢٤ - ١٢٥.

<<  <   >  >>